أبديت دهشتي فقال: إنهما مصوران عن الطبعة الأصلية. النشر هنا لا يخضع لقواعد وليست له تقاليد، وأغلب الناشرين لصوص. إنهم يتفقون معك على أن يطبعوا من الكتاب ثلاثة آلاف نسخة مثلا، ويطبعون في السر خمسة، ثم يتملصون من دفع حقوقك معتذرين بأن كتابك لم توزع منه غير نسخ محدودة.
واصلنا السير ثم انتقلنا إلى الشوارع الجانبية، ولجنا بناية حديثة، وأخذنا مصعدها إلى الطابق الثاني، وتبعت وديع داخل مسكن مفتوح، علقت فوق بابه لافتة باسم وكالة نزار بعلبكي.
ضمت غرفة وديع مكتبين متقابلين، وخزانة معدنية للكتب والملفات، وجهازا للتلفزيون، وكان الأثاث بادي الجدة والأناقة.
سألت وأنا أضع حقيبتي بجوار الجدار: هل هي أموال نزار أم هناك من يقف وراءه؟
جلس إلى أحد المكتبين، وجذب كوما من الصحف والمجلات وجعل يقلب فيه، ثم قال: مجموعة من أثرياء الخليج، حسب ما يقول. - والحقيقة؟ - ليبيا في الغالب.
ألقيت بحقيبة يدي فوق المكتب الآخر، وجلست إليه، وأخرجت المظروف الذي يحتوي على مخطوطتي، فوضعته جانبا، والتقطت إحدى المجلات.
أحضر لنا شاب فنجانين من القهوة، فأعطاه وديع المخطوطة وطلب منه أن يأخذها إلى الأرشيف ليصوروا منها ثلاث نسخ، ثم قام بعدة اتصالات تليفونية حصل منها في النهاية على رقم تليفون عدنان الصباغ. وأدار الرقم عدة مرات دون أن يتلقى ردا.
انهمك وديع في الكتابة، بينما استعنت بالكتب الموجودة في الخزانة على استخراج عناوين عدد من دور النشر وأرقام تليفوناتها. وجاءتنا النسخ المصورة بعد ساعة، فعكفت على مراجعتها وبعد ساعة أخرى انتهى وديع من الكتاب، فغادر الغرفة. وعاد بعد لحظات فجرب الاتصال مرة أخرى بمنزل عدنان دون جدوى.
حمل عني حقيبة السفر، وغادرنا المكتب. أخذنا سيارة أجرة إلى المنزل. وسبقته إلى أعلى بينما عرج على محل شواء قريب.
كانت الثلاجة مليئة بعلب البيرة فأخرجت اثنتين منها، وحملتهما إلى الصالة. ووصل وديع بعد لحظات، فجلسنا نحتسي البيرة بينما كان يدير مؤشر الراديو بحثا عن الأخبار.
ناپیژندل شوی مخ