190

لمس ذراعي بيده، وأشار إلى سيارة أمريكية سوداء تقف على مبعدة، وقال : شرف؟

مشيت إلى جواره كالمأخوذ. وبلغنا السيارة ففتح بابها الخلفي، وأفسح لي كي أتقدمه، ثم أغلق الباب، ودار حول السيارة وولجها من الباب الآخر.

كان ثمة شاب، يرتدي نظارة مماثلة، يجلس إلى جوار السائق. أما الأخير فلم أر منه غير جانب من رأس أصلع يغطيه كاب من القماش.

قلت دون أن أوجه كلامي إلى أحد منهم بالتحديد: وين رايحين؟

لم يعن أحد بالرد علي؛ فأدركت المطلوب، ولزمت الصمت.

مضت السيارة في شوارع شبه مهجورة، تحف بها منازل مدمرة، ثم تغير المنظر وانتقلنا إلى حي راق لم يتعرض لتدمير كثير. وعاد مشهد الأطلال بعد ربع ساعة.

وكانت الشمس قد غربت عندما اتجهنا إلى طريق مائل يؤدي إلى مبنى ضخم فوق ربوة، يشع الضوء الكهربائي من نوافذه. مضينا بحذاء سياج مرتفع من القضبان الحديدية. وتمهلنا أمام بوابة يحرسها الجنود، تعلوها لافتة نحاسية تعلن عن وزارة الدفاع للجمهورية اللبنانية.

أفسح الجنود الطريق لسيارتنا، فعبرت البوابة، ودارت نحو اليمين، ثم توقفت أمام درج رخامي مرتفع.

غادر رفيقي السيارة ثم أشار لي أن أتبعه. ارتقينا الدرج الرخامي، وفي أعقابنا الرجل الآخر الذي كان يجلس إلى جوار السائق. مرقنا من باب عريض إلى ردهة غصت بالعسكريين والمدنيين. وصعدنا درجا آخر، ومضينا في طرقة طويلة بين صفين من الأبواب المغلقة. وأخيرا تمهلنا أمام إحدى الغرف، فطرق رفيقي بابها ودخل، وبقيت في الخارج بصحبة زميله.

خرج الرجل بعد لحظات، فأشار لي بالدخول، ثم أغلق الباب من خلفي.

ناپیژندل شوی مخ