أغلق الباب دون أن يعلق بشيء. ووقفت حائرا أتدبر إعادة الطرق. وما لبث الباب أن فتح من جديد. وظهر المسلح الشاب حاملا جردلا من البلاستيك ألقى به عند قدمي، ثم جذب الباب ليغلقه فاعترضته قائلا: أريد مقابلة الشخص المسئول هنا.
قال: ما خصني.
ودفعني بيده ثم جذب مصراع الباب، وأدار المفتاح في قفله.
حملت الجردل الركن الذي كانت تشغله صناديق الكرتون، وتبولت. شعرت بالراحة. وعدت أذرع الغرفة جيئا وذهابا، تلمسا لشيء من الدفء، ثم اقتعدت الأرض في الركن الذي أعددته لنفسي. وثنيت ركبتي إلى أعلى، واعتمدت بساعدي ورأسي فوقهما. وثبت عيني على خط خفيف من الضوء أسفل الباب.
ويبدو أني غفوت بعض الوقت؛ فقد تنبهت فجأة على صوت عند الباب، وألفيته مفتوحا، وقد انتصب في فرجته رجل عريض الجسد، يحمل رشاشا في يده اليسرى. كان الضوء الكابي يسقط من خلفه على جزء من أرض الغرفة، فأخفى ملامحه عني. لكني تبينت حركة الرشاش في يده، تشير لي أن أخرج.
خطوت إلى الخارج، فأمسكني من ذراعي بقوة. رأيته رجلا متقدما في السن بصورة ملحوظة، يغطي الشعر الأبيض رأسه، ويتمتع مع ذلك بقوة بدنية واضحة. مضينا في طرقة طويلة يضيئها مصباح كهربائي واحد، يطل عليها بابان آخران. وأشعرتني رائحة الهواء وشدة الرطوبة المنبعثة من الجدران، وبلاط الأرضية، أننا تحت مستوى الأرض.
ارتقينا درجا عاليا إلى طرقة أخرى دافئة، تسبح في ضوء قوي من مصابيح الفلورسنت، ويغطي المشمع الملون أرضها. كانت الطرقة طويلة، وفي نهايتها علق علم ما بجوار صورة فوتوغرافية لم أميزها بوضوح.
توقف مرافقي أمام أحد الأبواب فطرقه، ثم أدار مقبضه ودفعني أمامه ثم دخل خلفي، وأغلق الباب.
لفحتني الحرارة الصادرة عن «شوفاج» في جانب الغرفة. ورأيتني أواجه مكتبا، جلس خلفه شاب ممتلئ حليق الوجه، يتحدث في التليفون بشفتين غليظتين، وعينه على شاشة تليفزيون ملون، استقر فوق طاولة خشبية بجوار المكتب.
كان يرتدي قميصا مفتوح الصدر، بكمين قصيرين، كشف عن شعر كثيف فوق صدره وساعديه. وكان شعر رأسه أسود ناعما، قص في عناية، وفرق من جهة اليسار.
ناپیژندل شوی مخ