فقالت كالمعتذرة وإن لم تزايلها بسمة ساخرة: عز علي ألا أهنئك على زواج كريمتك!
فقال السيد في ضيق: لك الشكر يا ستي، ولكن أما فكرت فيما يثيره مجيئك لدى من يشهده من ظنون؟
فضربت جليلة كفا بكف وقالت فيما يشبه العتاب: هذا أحسن ما عندك لي من استقبال! ... (ثم موجهة الخطاب إلى صحبه) أشهدكم يا رجال على الرجل الذي لم يكن يبتل صدره حتى يغرز فردة شاربه في سرتي، انظروا إليه كيف لا يطيق الآن رؤيتي.
فلوح السيد لها بيده كأنما يقول لها: «لا تزيدي الطين بلة.» وقال برجاء: علم الله ما بي استياء لرؤيتك ولكنه الحرج كما ترين.
هنا قال السيد علي كأنما ليذكرها بما لا ينبغي لها أن تنساه: لقد عشتما حبيبين وافترقتما صديقين، وليس بينكما ثأر، ولكن أهله فوق وأبناءه في الخارج.
فقالت متمادية في إغاظة السيد: لماذا تتظاهر بالتقوى بين أهلك وأنت بركة فسق!
فرماها بنظرة احتجاج قائلا: جليلة! ... لا حول ولا قوة إلا بالله. - جليلة أم زبيدة يا ولي الله؟! - حسبي الله ونعم الوكيل.
فأرعشت له حاجبيها كما أرعشتهما لعائشة من قبل، ولكن على سبيل التهكم لا الإعجاب هذه المرة، وقالت بصوت هادئ جاد كالقاضي ينطق بالحكم: سيان عندي أن تعشق زبيدة أم غيرها من النساء، ولكن يؤسفني ورأس أمي أن تتمرغ في التراب بعد أن غرقت حتى أذنيك (مشيرة إلى نفسها) في القشدة ...
عند ذاك نهض السيد محمد عفت - وكان من أقرب المقربين إليها - وقد خاف أن يتمادى بها السكر إلى ما لا تحمد عقباه، فتناول يدها وجذبها برفق صوب الباب هامسا في أذنها: حلفتك بالحسين إلا ما رجعت إلى مستمعاتك المنتظرات على نار.
فطاوعته بعد ممانعة ولكنها التفتت نحو السيد وهي تبتعد رويدا وقالت: لا تنس أن تبلغ تحياتي إلى القارحة، ونصيحتي إليك - بحق الأخوة - أن تغتسل بعدها بالكحول لأن عرقها مصاص للدماء.
ناپیژندل شوی مخ