قال أبو سعيد -رضيه الله-: معي إنه يخرج في معاني قول أصحابنا أن الاعتكاف جائز في جميع المساجد التي تقام فيها الصلاة جماعة بالأذان، ولا يؤمرون بالاعتكاف في غير هذا المسجد. ومعي إنه يخرج في معاني قولهم من أجل لزوم الجماعة في العموم، ومعي إنه إن اعتكف في غير مسجد تصلى فيه الصلاة الجماعة لم يبطل اعتكافه ولم يخرج معناه أنه مفارق للجماعة لأنه يمكنه الأذان والصلاة وحده ويقوم ذلك مقام إحياء الجماعة، ولا يستقيم إبطال ما ثبت فضله إلا بمخصوص في مسجد بعينه. وقد قال الله تبارك وتعالى: { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } واتفاق القول إن الاعتكاف فرض، وأن منه اللازم وأنه ليس على أحد من الناس أن يخرج في أداء لازم من اللوازم المعمومات إلى موضع دون موضع إلا بمعنى حكم خاص بمعنى قول الله تبارك وتعالى: { ولله على الناس حج البيت } فخص الحج للبيت الحرام بمعنى النص والخصوص. وأما المسجد الجامع الذي فيه الجمعة فيخرج ذلك عندي حسنا أن يكون الاعتكاف في المسجد الذي تجب فيه الجمعة على المعتكف لأنه مخاطب بالجمعة في المسجد المخصوص بها دون غيره من المساجد وليس /141/ كذلك الجماعة مخصوصا بها في مسجد دون مسجد. معي إنه يخرج من قول أصحابنا للمعتكف أن يخرج من مسجد اعتكافه إلى الجمعة في موضع ما يلزم ولا يكون ذلك تركا منه لاعتكافه بل هو في ذلك معتكف وداخل في جملة الاعتكاف في خروجه إلى الجمعة.
مخ ۱۶۹