ومنه: ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه وليردأ عن نفسه، فإن أتى فليقاتله فإنما هو شيطان".
قال أبو بكر: فيمن كان يرى منع المارين بين يدي المصلي ابن عمر والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: ليس لأحد أن يمر بني يدي /64/ المصلي إلى سترته، فإن مر بين يديه كان له دفعه، فإن لم يندفع قاتله أن لا يمر بين يديه بعد دفعه، وليس له إذا صلى إلى غير سترة أن يدفع أحدا يمر بين يديه. واختلفوا في رد المصلي من مر بين يديه من حيث جاء، فروي عن ابن مسعود أنه رخص فيه، وفعل ذلك سالم بن عبد الله، وقال الشعبي وسفيان والثوري وابن راهويه لا يرده بعد أن جاوز به، نقول وكذلك إن رده من حيث جاء مرورا ثانيا، وليس له وجهة.
قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في قول أصحابنا أن المصلي يدرأ عن نفسه بغير علاج، وإن خرج إلى حال العلاج خرج إلى حال العمل، ولا يجوز العمل في الصلاة إلا لمعنى الضرورة والخوف على النفس، فإذا كان المار بين يديه مما يفسد عليه صلاته فقد قيل: إن له أن يشير بيده ليعلم أنه في صلاته فينصرف عنه، والإشارة فيما قيل يرفع يده رفعا ولا يردها ردا، فيكون قد عمل، وأما إذا كان المار بين يديه مما ينقض صلاته، فإن دفعه عن نفسه بغير شدة علاج لتمام صلاته لأن لا تفسد فقد قيل: ولا خطا الخطوة والخطوتين إلى الخمس للإشارة للملايين بيديه لئلا تفسد عليه صلاته، أو ليس من مصالحها، فقد رخص له في ذلك، وأما أن يعالج أو يعمل فلا أعلم ذلك يخرج في معنى قولهم إلا أنه قيل في الحية والعقرب، وقد تقدم ذكرهما قبل هذا الفصل فيما مضى من الكتاب.
....
مخ ۷۵