قال أبو سعيد: عندي أنه يخرج معاني ما قيل في هذا الفصل كله، إلا أن قول من قال: إن كفن المرأة على زوجها، ولو كان لها مال فلا أعلم ذلك يخرج في معاني قول أصحابنا، لأنه ممنوع عنها بعد الموت في معنى الاتفاق، لا عولة فيها ولا معاشرة، وثبوت معنى الاتفاق أن الكسوة لا تكون إلا بالمعاشرة، وأما إذا لم /78/يكن للمرأة مال يكون فيه كفنها فيخرج عندي قول أصحابنا: أن كفنها على زوجها دون سائر ورثتها؛ لأن ذلك كان عليه في المحيا بمعنى الاتفاق، ويشبه هذا عند العدم، وأحسب أن في بعض قولهم: إن الكفن لها على الزوج وسائر الورثة بالحصص من البالغين. وقال من قال: ليس على الورثة ولا على الزوج على حال، وهو عندي أثبت في الحكم؛ لأنه إنما يخرج كفن الميت من ماله، وسائر ذلك تطوع ممن قام به، إلا ما ليس فيه غرم، مما لابد له من غسله ودفنه، فإن ذلك لابد للحاضرين له يلزمهم ذلك إذا قدروا عليه [بيان، 16/78] قال أبو بكر: كان ابن عمر يطيب بالمسك، وقد جعل في حنوط أنس بن مالك صرة من مسك أو مسك، وروينا عن علي بن أبي طالب أنه أوصى أن يجعل في حنوطه مسكا، وقال: هو فضل حنوط النبي - صلى الله عليه وسلم - . وممن رأى أن يطيب الميت بالمسك محمد بن سيرين ومالك بن أنس والشافعي وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه. وقال أبو بكر: وكذلك نقول. وقد روينا عن الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح ومجاهد أنهم كرهوا ذلك. ويستحب إجمار ثياب الميت، وأحب ما استعمل في حنوط الميت الكافور لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "واجعلن في الآخر كافورا أو شيئا من كافور". ويكره أن يتبع الميت بنار، وتحمل معه إذا حمل. وممن روينا عنه أنه نهى عن ذلك عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وأبو هريرة /93/وعبد الله بن معقل ومعقل بن يسار وأبو سعيد الخدري وعائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- ومالك بن أنس.
قال أبو سعيد: عندي أنه يخرج معاني ما قال في هذا الفصل كله في معاني قول أصحابنا، منه ما يحسن عندي في قولهم، ومنه ما هو منصوص. وإذا ثبت معنى الكافور فالمسك مثله، وكذلك سائر الطيب فيما قيل عند عدم الكافور، ويستحب أن يدخل في طهور الميت إن أمكن ذلك وفي كفنه [بيان، 16/93]
مخ ۱۸۲