بیان په انگریز او افغانانو کې
البيان في الإنجليز والأفغان
ژانرونه
هذا المعيار الفلسفي الذي يشير إلى تلك القوانين الفطرية للطبيعة يصلح مقياسا لقياس ظروف الأمم وأحوالها في السعادة والشقاء ، وكذلك يصلح مقياسا لكيل الثناء والمديح، أو التقريع والانتقاد لماضي الأمم وحاضرها ومستقبلها.
ماضي الإنجليز
وبناء على هذا سوف نستخدم ذلك المعيار في استعراض تاريخ الشعب الإنجليزي العظيم، الذي يصمم الآن على خوض حرب مع أفغانستان، حتى يمكن أن نكتشف أسباب سعادته الماضية، ونستطيع أن نحكم على استمراره أو ركوده في المستقبل فنقول: لقد بعث الخطيب المشهور شيشيرون خطابا إلى أحد الفاتحين «الرومان» لإنجلترا رجاه فيه ألا يرسل أسيرا إلى روما؛ لأن الإنجليز جنس أمي غير متعلم، لا يعرفون الخلق المهذب، ولا يقبلون على اكتساب المعارف، ولا سيما الهندسة والموسيقى.
وقد درج النورمانديون أيضا حين احتلوا الجزيرة الإنجليزية على تكبيل أعناق أهلها بالأغلال؛ لأنهم أدركوا انحطاطهم وتخلفهم، ومع ذلك فقد لاحظ هؤلاء الأهالي ما أحرزه جيرانهم من تقدم في العلوم والمعارف، وما استمدوه منها من مزايا، وما تحقق لهم - نتيجة ذلك - من مرتبة عالية، فتأثروا ونشطوا إلى حد أن مزاجهم كله أصابه التغير، واعتراه ظمأ عارم لتحصيل العلوم، واتجه هذا الظمأ أول ما اتجه إلى الصنائع أساسا، ثم تطور فأصبح تجاريا، سرعان ما اتسعت معاملاتهم بسببه اتساعا هائلا. وقد ساعدت على ذلك القوة القاهرة للظروف؛ مما ترتب عليه في النهاية تتويج جهوده بالنجاح الكامل.
ولما اشتد ساعدهم، وبلغوا أوجهم، ووقفوا بقوة على أقدامهم، راحوا يتأملون في أحوال جيرانهم الإسبان والبرتغاليين والهولنديين والفرنسيين الذين فتحوا مختلف البلاد والأصقاع، واكتشفوا الجزر، وأسسوا المستعمرات، وأرسلوا أيضا بعثات إلى جميع أركان المعمورة، وأطلقوا السفن في المحيطات الشاسعة شرقا وغربا. ثم قادهم هذا التأمل إلى العزم على التنافس والتباري مع أولئك الجيران، ومع ذلك كان عليهم أن يتغلبوا على عقبة كبيرة، وهي قلة الرجال. ولعلاج ذلك اتخذوا سياسة قوامها «التغرير والتلبيس، ونصب فخ المواربة وشرك المخاتلة»، وبهذه السياسة حققوا أهدافهم، وتفوقوا على سائر الأمم الأخرى، إلى حد أن المتأمل في جلافة تحولهم، وبرود جبلتهم، قد يتساءل: كيف تأتى لهم تحقيق النجاح بهذه الوسائل الماكرة، والثبات على نجاحهم، وحماية وضعهم عن طريقها؟
غير أنهم استغلوا هذه الوسائل كسلاح يهاجمون به الأمم والممالك، وأثبت السلاح في أيديهم مضاءة في إثارة الفتن في مختلف الإمارات، وتقليب الواحدة على الأخرى، وخلق المنازعات بين الحكام ورعاياهم.
وعلى أساس هذا المبدأ سلكوا حين طمعوا في محطة في البحر الأبيض المتوسط، ورغبوا في سلخها من الممتلكات العثمانية كي يؤسسوا بها مستعمرة، كما أرسلوا الرسل إلى المرحوم الشاه عباس، شاه إيران؛ كي يحرضوه على حكومة البلاد، ويغروه على التحالف معهم في إذلالها. وعلى هذا النحو نجدهم، حين وضعوا أقدامهم على سواحل الهند، مهد البشرية وينبوع التشريع، يحرضون النوابين والراجوات الهنود ضد عاهلهم تيمور، ويغرونهم على التمرد عليه والاستقلال عنه، ثم أخذوا يعينون هذا على ذاك، ويؤلبون الآباء على أولادهم، والوزراء على الأمراء، حتى حققوا غرضهم بتأسيس حكمهم فوق جميع راجوات الهند.
كذلك كان الإنجليز هم أيضا الذين وحدوا أوروبا بأسرها ضد بونابرت حين بدءوا يخشون على أنفسهم منه، وأدركوا أنه أنشأ علاقات ودية مع تيبو سلطان عاهل مدراس، بل إنهم عقدوا معاهدة مع فتح علي شاه، عاهل فارس، تقضي بأن يرسل قوات إلى خراسان عندما قرر تيمور شاه الأفغاني أن يزحف بجيش إلى الهند، كذلك سعوا إلى مساعدة شاه شجاع، السلطان الأفغاني المخلوع، عندما سمعوا أن الروسي فيكوفيتش قد جاء إلى أفغانستان كي يدعو الأمير دوست محمد خان لعقد معاهدة مع شاه فارس.
وفي تلك المناسبة سيروا جيشهم إلى داخل البلاد، تحت قيادة شاه شجاع، ونجحوا في خلع دوست محمد خان، وإحلاله محله، كما اتصلوا بالفرنسيين كي يعاونوهم في معاركهم مع روسيا، عندما أدركوا أن الروس يطمعون في القسطنطينية «الآستانة»، وهم يعرفون جيدا أن روسيا إذا نجحت في تحقيق ذلك الهدف فسوف يقطع طريقهم إلى الهند عبر أفريقيا عاجلا أو آجلا - وقد أغري الفرنسيون على الانضمام إليهم في حرب القرم - ولكن خسائر الإنجليز في الرجال والمال لم تصل إلى عشر ما خسره الفرنسيون، وكانوا هم أيضا الذين أغروا الأمير دوست محمد خان على الاستيلاء على مدينة هرات، مفتاح الهند، وكان يحكمها وقتذاك أحد أقرباء شاه إيران؛ وذلك خوفا منهم أن تعقد روسيا معاهدة مع فارس.
والخلاصة أن من يرجع إلى تاريخ الماضي يقتنع، لا محالة، بأن الإنجليز لم يكفوا قيد شعرة عن اتباع ذات السياسة الثابتة في تحقيق غاياتهم في الشرق والغرب، وفي العالم القديم والحديث. وبالسير على هذا المنوال نجحوا في كل مكان، وراحوا يستولون على الأمم، ويضمون الأراضي، ويوسعون بذلك نفوذهم، إلى حد أن ممتلكاتهم تشكل منطقة تصل إلى ما يساوي محيط الكرة الأرضية. ولو ألقى متفرج نظرة عجلى على نجاح هذه الاستراتيجية، وعلى جماعة المتعلمين والإداريين البارزين، وعلى عدد هؤلاء القوم ومصادر ثروتهم، لمال إلى الشك في إمكان اهتزاز أسس مملكة عظيمة كهذه، أو فرار أقل قطعة من الأرض وقعت تحت سيطرتهم، ولكن إذا راجع المتأمل حكمه، ودقق قليلا في الموضوع، لاكتشف أن السياسة الإنجليزية تقوم على أساس هش، وأن قبضتها ضعيفة، وأن القوة الناشئة منها لها ذات الخصائص، وبالرغم من أنها تبدو - لقصير النظر - ضاربة في أعماق التاريخ.
ناپیژندل شوی مخ