Basa'ir fi al-Fitan
بصائر في الفتن
خپرندوی
الدار العالمية للنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
د خپرونکي ځای
الإسكندرية - مصر
ژانرونه
المنقطع للعبادة في الفتنة فَرَّ عن الناس بدينه إلى الاعتصام بعبادة ربه ﷿، فهو مهاجر إلى الله ﷾" (١).
وقد قال الله تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [الحديد: ١٠] لأن الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا فعلوا ذلك في وقت خوف وقلة، بخلاف من فعل ذلك بعد الفتح، فإنهم- وإن كانوا موعودين بالحسنى- إلا أنهم أنفقوا وقاتلوا بعد عزة الإِسلام وقوة أهله (٢).
وقال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾ [البقرة: ٤٥].
وذلك لأن الصلاة من أكبر العون على الثبات في الأمر.
وقال- جلَّ وعلا- مخاطبًا خليله محمدًا- ﷺ: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (٩٨) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩)﴾ [الحجر: ٩٧ - ٩٩]. فأمره- ﷺ بأن يفزع إلى الصلاة والذكر إذا ضاق صدره بما يقوله أعداء الدين، فإن في ذلك شرحًا للصدر، وتفريجًا للكربة، وهكذا كان هديه ﷺ؛ فقد كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، قال حذيفة ﵁: "رجعت إلى النبي ﷺ ليلة الأحزاب وهو مشتمل في شملة يصلي، وكان رسول الله ﷺ إذا حَزَبه أَمْرٌ صَلى" (٣).
(١) "إكمال إكمال المعلم" (٧/ ٢٨٣).
(٢) انظر: "مسائل في الفتن" للصبحان ص (٤١).
(٣) أخرجه الإِمام أحمد (٥/ ٣٨٨)، وابن جرير (١/ ٢٠٥)، وأبو داود (١٣١٩)، وحسَّنه الألباني.
1 / 119