قال: لا أبالي أن يفعلوا ما دام نظار المدارس لا يطبعونها مذيلة بالتعليقات والشروح، وأنا نفسي لم أنجح قط في امتحان ... وأحسبني أرسب إذا كانت الأسئلة من رواياتي!
ثم عقب مستفسرا: وبعد، فما هو نموذج الأسئلة التي يسألونها عن مؤلفاتي؟
قال صاحبه: قد يسألون مثلا هل كان «وب» أو «ولز» هو الذي ألف المسرحيات «الشوئية» ...؟
فضحك «شو» وأجاب: لعل وب كتبها؛ لأنه صاحب ذوق حسن في التسلية والفكاهة، ولعل ولز هو كاتب المقدمات ... وإلا فكيف يتسنى لرجل لم يتعلم قط مثل شو أن يكتب حرفا.
وعرض الحديث لشكسبير في سياق الكلام عن التمثيل، وكان محدثه يزعم له أنه ممثل بارع، وأنه لو اشتغل بفن التمثيل لغطى على هنري أرفنج بلا مراء، فقال شو: إن الرجل صاحب القريحة يأتي منه ممثل ردئ، وإنني - لسوء الحظ - قد رزقت دماغا من أدمغة القرائح، وإلا لصلحت كما صلح شكسبير للعمل في فرقة جوالة. وفي جانبي مزية أخرى هي أنني على استعداد للعمل المشترك مع غيري، وقد كنت على الدوام قاصر الحيلة في الاقتحام والمعارك، إلا أنني - لو أبيح لي - قادر على تنقيح متن الرواية التي قد أمثلها، كما صنعت برواية سمبلين.
قال محدثه: إنني ليدهشني أن تبيح لنفسك تنقيح شكسبير وأنت لا تبيح لمخرج أفلامك أن يبدل كلمة واحدة من كلماتك.
فأجاب «شو»: هات لي امرأ أعظم من شو وأنا أبيح له أن يبدل كلامي حتى لا أميزه إذا قرأته! •••
واستدعى الطبيب - وهو في المدينة - لشعوره بتعب يلزمه الفراش، فصعد الطبيب الدرج على قدميه لعطل أصاب المصعد قبل دعوته، وجلس وهو يلهث ويوشك أن يتداعى في مجلسه، فوثب شو من فراشه وناول الطبيب قرصا من الدواء يزيل التعب، وقال له: إنه يريحك على الأثر، بيد أن الآفة كلها معك هي فرط التغذية، فجرب أن تمسك عن لحم الجزار واكتف بالخضر والفاكهة، وأنت ترى أن عمري ضعف عمرك ولا أزال أنشط منك مائة مرة ... ألم تلحظ كيف وثبت من الفراش في سهولة وخفة؟ فوافقه الطبيب وأثنى على خفته ونشاطه.
فسأله شو: أترقص؟ قال الطبيب: لا. فأدار شو قرصا موسيقيا وطفق يرقص على نغماته، وعاد ينصح الطبيب أن يرقص كل يوم ربع ساعة على الأقل، فإذا هو مثله في النحافة والخفة. وأضاف قائلا: إنكم معشر الأطباء تنصحون المرضى بما لا يوافقهم؛ تقولون لساعي البريد «امش»، وهو يستنفد قواه سعيا على قدميه، وتقولون لي «لا تكتب» وأنا بالكتابة أحفظ قواي، ولو انقطعت عن الكتابة كل صباح لتساقطت كسفا ... والآن وقد أعطيتك مشورة خبير فهات الشلنات الخمسة المقررة للعيادة.
فابتسم الطبيب وطالبه بجنيهين. قال شو: ويحك! ولم؟ قال الطبيب: لأنني نجحت بالحيلة في علاجك؛ فإنني حين ادعيت التعب والإعياء أنسيتك تعبك وإعياءك وجعلتك تثب وترقص وتريني أنك ناشط وأنك خفيف.
ناپیژندل شوی مخ