ويذكر القارئ أن «شو» يؤمن بالتطور الخلاق، ويعتقد أن سنة الوجود كله هي التقدم إلى غاية فوق حياة الفرد، وفوق ما يشغله من أهوائه ومنافعه «الفردية».
فإذا وجد إنسان ينحرف عن هذه السنة فهو ممسوخ مشوه، يحسن به أن يداوي نفسه من علة المسخ والتشويه، وجزاؤه الوحيد على الإيثار واجتناب الأثرة أنه يصحح تكوينه وينقذ جسده وروحه من شرور الزيغ والانحراف.
إلا أن خدمة الآخرين لا تنحصر في الرحمة والرفق على الدوام، فربما سمعنا من «شو» نغمات في تمجيد القوة والأقوياء والإنحاء على الضعف والضعفاء، تذكرنا بنيتشه في أعنف أقواله وأقسى وصاياه.
قال في كلامه عن تكاليف المعيشة في الجماعات: إذا كان الناس صالحين للحياة فدعوهم يعيشون العيشة اللائقة بالأحياء، وإذا كانوا غير صالحين لها فدعوهم يموتون الميتة التي تليق!
وقال أيضا: «في اللحظة التي نواجه فيها الحقيقة، ننتهي حتما إلى الإيمان بحق الجماعة في أن تفرض ثمنا لحق الحياة.»
وقال في مقدمة «على الصخور»: «إذا أردنا طرازا معلوما من الحضارة والثقافة، فعلينا أن نستأصل أولئك الذين لا يوائمون ذلك الطراز.»
تلك شريعة الجماعة عنده، أما شريعته لنفسه فهي كما قال: «أقول لكم إنني طالما أدركت أمامي شيئا خيرا مني، لن أهدأ حتى أبلغه أو أمهد إليه الطريق، وذلك عندي هو قانون الحياة» ...
على أن القارئ ينبغي أن يشك في كل تلخيص لمذاهب «شو» لا يقع فيه بعض التناقض والارتداد على ما يؤكده من القوانين والاراء.
مثال ذلك في سياقنا هذا أنه - كما أسلفنا - يقدس المال ويفرض حبه على كل عامل ، ويحسبه سبيل الخلاص من جرائر الحرمان في المجتمعات البشرية، كما يفعل الكثيرون من الاشتراكيين.
لكن «شو» هذا بعينه هو الذي يقول في وصاياه للمرأة الاشتراكية: «إن أولي الأفكار جميعا يؤكدون لك أن السعادة والشقاء مسألة بنية ومزاج لا شأن لها بالمال؛ إذ المال قد ينقذ من الجوع ولكنه لا ينقذ من الشقاء، والطعام قد يشبع شهوته ولكنه لا يشبع شهوة الروح.»
ناپیژندل شوی مخ