92

بحر متوسط

البحر المتوسط: مصاير بحر

ژانرونه

وصوت مثل هذا، وقول مثل هذا، ينطوي وحده على نغم موزون يرن من خلال ألحان القرون القديمة الرائعة.

ويروق بعضهم أن يحوك قصصا عن الصلات الودية بين العبيد وسادتهم في رومة كالتي قيلت عما في جنوب الولايات المتحدة، ومع ذلك لم يكن مثل هذه الشواذ ليفيد العبيد الآخرين الذين كانوا مقيدين بالأغلال مهددين بالسياط فيقضون نهارهم في الفلاحة ويقضون ليلهم في الأصابل أو السجون الخالية من الهواء والضياء، ومع ذلك ظهر من بين أولئك البائسين من أسعده الحظ قليلا، من قيض الطالع له سيدا صالحا فأتيح له أن ينمي مواهبه الفطرية. وكان هذا هو العبد اليوناني أندرونيخوس الذي جاء من تارانت إلى رومة فترجم أوميرس وحول إلى اللاتينية روايات تمثيلية إغريقية، وألف تاريخا لرومة، وكان اسمه ليفيوس.

وكان الرومان يبنون قصورهم فوق السجون، وكان من نتائج الثراء المفاجئ الذي نشأ عن الانتصارات المستمرة، وعن خضوع البلاد التابعة التي صار عددها يزيد مقدارا فمقدارا، أن ضعضعت فضائل الزهد التي صارت المدينة الصغيرة الثانوية، الفقيرة حتى في زمن الحروب البونية، رومة، دولة عالمية بها، ورومة هذه استولت في 110 من السنين على صقلية وسردينية وإسبانية ومقدونية واليونان وفرغامس وقرطاجة، وصارت تجارة الشرق، التي كانت تنصب قرونا كثيرة في ميله ورودس وأنطاكية ثم في الإسكندرية، تتجه إلى رومة حيث ظلت متجمعة ثلاثة قرون، أي بين سنة 150 قبل الميلاد وسنة 150 بعد الميلاد.

وكان التجار الجدد يلعبون بالملايين في تجارتهم مع الولايات، وكان العشارون وميار

134

الجيش والصرافون يقرضون الأمراء الإقطاعيين مالا حتى يعطوا الجزية، وبما أن جميع أولئك الموظفين كانوا يقومون بالقضاء في الولايات فإن من غير المحير أن تراهم يظلمون الناس وصولا إلى تغطية مضاربات أصدقائهم. وكان أبناء الأغنياء يعفون من الذهاب إلى الحرب في مقابل ما يدفعونه من النقود، والحرب قد غدت عملا يأتي بأعظم الأرباح بعد أن كان جميع الشعب يشترك فيها، وصار حلفاء إيطالية أنفسهم يهددون بالنكوص، وأصبحت جميع العلامات تدل على اقتراب نشوب ثورة.

ويبرز بعض الرجال ليحولوا دون نشوب هذه الثورة، ومن بينهم يجمل أن نذكر الأخوين غراخوس على الخصوص، ونرى أنهما كانا إكليل مجد لصراع رفيع في سبيل العدل وتاج فخر للشهداء، وهما قد خرا صريعي هجمات أبناء طبقتهما في الحقيقة، وذلك بعد كفاح عظيم عن إيثار تام.

وأقدم الأخوان على أخذ ما يزيد على خمسمائة فدان روماني

135

من أرضي الأغنياء وتسليمه إلى الفقراء، وتدبير مثل هذا كان يبدو في ذلك العصر ثقيلا على أبناء الأسر وعلى أصحاب المصارف.

ناپیژندل شوی مخ