136

بحر متوسط

البحر المتوسط: مصاير بحر

ژانرونه

33

قال: «واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا»، و«لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد فلعله يضاجعها من آخر يومه.»

وإن هذا الإدراك المرن للطبيعة البشرية، وإن أخلاق الأعراب، وإن الحرية والهوى والكرم، أمور أدت إلى ذلك التسامح الذي لم يقل إلا مؤخرا نتيجة لاعتداءات النصارى.

والإسلام هو أكثر أديان التوحيد الثلاثة تسامحا، والإسلام هو الدين الوحيد الذي سمح لأتباع الأديان الأخرى بأن يحفظوا معابدهم الخاصة في غضون الأجيال وفي مختلف البلدان، والإسلام هو الدين الوحيد الذي عامل الأمم المغلوبة معاملة إنسانية، والإسلام لم يمنح الفاتحين حقا آخر غير انتحالهم وضع الهداة غير الخاضعين للضرائب، وما كان من رغبة في نيل الغنائم ومن ميل إلى الانتقام لم يتحول إلى جور واسع إلا نادرا، وما كان الهتاف «القتل أو الإسلام» إلا في بدء الفتح وفي جزيرة العرب وحدها، ثم لم يرد فاتحو العرب غير السيطرة السياسية دون سواها، أجل، فرضت الجزية مع الطاعة على المغلوبين، ولكن من دون فرض ديانة جديدة عليهم، ومع ذلك فقد اعترف القرآن بأديان أخرى، وقد سمح ببغداد والقاهرة بالأعياد النصرانية والاحتفالات المأتمية على الدوام، وكان يوجد في كل مكان موظفون مسيحيون من الدرجة العالية حتى الحروب الصليبية.

وإذا سألت عن سبب ذلك السمو وجدته في ذلك الاطمئنان النفسي الذي مارس به أولئك الموحدون إيمانهم الكامل ضمن الطبيعية البشرية كما فعل مشركو اليونان.

17

لاح أسلوب على شواطئ البحر المتوسط في القرن السابع.

وكانت معابد اليونان قد خربت أو انهارت أو تحولت، وكان البارتنون قد حول إلى كنيسة في القرن الخامس، وفي هذا المكان كانت تماثيل زوس وأتينة تنتصب نحو السماء وإزاء أعمدة من رخام، وذلك حيث كان يحتفل بالجسم العاري لجماله الخاص، وذلك حيث كانت أسرار الآلهة القديمة قد تحولت إلى رموز منقوشة على الرخام أو قد عبر عنها بصفوف من القرابين، وكان يصلي قسيسون لابسون برانس راكعين أمام الصليب في هذا المكان، وكانت زاوية البناء الواسع التي يستترون فيها تنار بنور الشموع الشفقي إنارة خفيفة، وليست شمس بلاد الإغريق، ولا الرخام البنتليكي، بل الكنيسة المغلقة والصور الفسيفسائية الساكنة هما اللتان كانتا تتخذان رموزا لدين الألم والنسك. وكان مضيق البناتينه الرخامي مع جياده وفتيته مبرقعا عن عفاف من قبل من كانوا يريدون إنكار الغلمة، ولكنهم كانوا يودون إخفاء أشخاصهم وأرواحهم ما صار ذلك غريبا عنهم تماما.

وبدت القباب بعد الأعمدة، وكانت القباب تنعكس على البحر أمام الملاح حين دنوه من ساحل بزنطة حيث ترتفع الكنيسة الجديدة، وكان كل من هيكل سليمان الأرزي وأعمدة البارتنون الرخامية وقبة بزنطة الحجرية يمثل الزهد والجمال والإيمان المطمئن بالتتابع؛ أي كانت هذه الآثار تمثل الصفات البارزة للأديان الثلاثة. وكان جميع المؤمنين الذين يصلون هنالك متحدين في رغبتهم العامة أن يقهروا الموت في حياة أخرى، وكان هذا مصدرا شاملا للسماحة والرحمة، وكانت تضرع ألواح مكتوبة بالعبرية أو باليونانية أو باللاتينية إلى الرب الواحد أو إلى أحد الآلهة الوثنية أن يبدو في الآخرة رحيما تجاه المحسنين، ثم أتت المآذن، ووطد الميل الأزلي إلى الدنو من الرب في الدين الجديد بأسلوب ذي طلاوة طريفة بعد أن ثقلت وطأة المعابد والكنائس على الأرض، والآن تناطح أبراج العرب الهيف السماء فتلوح صائلة في الهواء كأسهم نارية ثابتة، وكذلك تبصر مباني عالية رشيقة منفصلة عن المسجد قائمة على أسس ثابتة كأنها تنطح السماء أيضا.

ويظهر مسلم لابس جبة بيضاء وعمامة في الأعلى وعلى الذروة تقريبا وفي رواق ذي منافذ للنور، فيوجه وجهه نحو السماء معلنا جلال الله ونبيه محمد ثلاث مرات، ويلقي ذلك البرج وحيا في قلوب المسلمين الذين زاد عددهم بأسرع مما زاد به عدد أتباع أي دين آخر حول البحر المتوسط.

ناپیژندل شوی مخ