وهذا المصنف علي بن بسام قد ترجم له ابن خلكان في تاريخه، وكتابه هذا في مجلدين كبار، إلا أنه لم يكن التاريخ فيه إلا النزر اليسير لحوادث ما جرى في الأندلس ومن ملكها في الدولة الأموية، وإنما كبر كتابه ذلك وكثره يذكر كلامات الأدباء من أهل الأندلس والوزراء، وما ذكروه من المكاتبات والرسائل وقصائد الشعراء[64/ب].
وفي شهر صفر منها جهز المتوكل إلى بندر الشحر من سواحل بلاد حضرموت عثمان بن زيد من موالي المتوكل بقدر ثلاثمائة من العسكر، وأمرهم أن يكونوا حفظة للبندر من أهل عمان؛ لأجل ما حصل منهم في سواحل عدن.
وفي أول هذه السنة توفي الفقيه العارف أبو بكر بن يوسف بن محمد راوع الخولاني الأصل ثم الصنعاني، كان المذكور له فائدة في الفقه لا غيره من الفنون، فلم يكن له فيه معرفة. وكان شيخه السيد العلامة محمد بن عز الدين المفتي المؤيدي رحمه الله، وكان المذكور على طريقته في الاعتقاد، والميل إلى السنة النبوية والانقياد، وكان جماعا للحواشي والتعاليق على الهوامش في الفقه، وأكثرها مما أملاه شيخه السيد محمد المفتي.
وفي هذا الشهر ترك القاضي أحمد العيزري الأهنومي صلاة الجمعة بسبب إبطال أحكامه، وما جرت به أقلامه، وعدم تنفيذها من ولاة زمانه، واحتج عليه سائر الحكام بأنه صار يحكم بخلاف مذهبه، ولا ولاية له من الإمام في حكمه. وكان المذكور بشهارة أولا ثم عارضه بعض من عارض فيها، فانتقل منها إلى صنعاء واستقر فيها[65/أ].
وفي يوم الخميس ثالث ربيع الأول منها سار المتوكل من ضوران إلى معبر جهران ، ثم عاد ضوران اليوم الثاني.
مخ ۳۷۹