============================================================
بهجة الطائفة الصانع: فهو السائر إلى الله . فإذا وصل إلى الله وانتهى (1) فلا يقع نظره قبل كل شيء إلا على الله، لأنه كالقادم من الله . وصفته ونعته أن ينظر من الصانع إلى الصنع، وإن كان الحجاب مرخى دونه. لأن الحجاب على الموجودات 3 من أجل شدة ظهور الحق. ولولا ذلك لم يستقر موجود ولا وجود، لمشاهدة شهود الله.
ففي أول البدء أسبل الحجاب على أهل الكشف ليروا القدرة والمقدور، ويعرفوا القادر(2) يقينا وتصديقا. ثم رفع عنهم - عند بلوغ قوتهم، وحصول نهايتهم - الحجاب. فنظروا إلى القدرة فغابوا عن رؤية المقدور. ثم عند حصول المعرفة رفع عنهم الحجاب، فشاهدوا القادر9 فقوم في مشاهدة المقدور: عالمين متقين بالقادر والقدرة. وقوم في مشاهدة القادر غاثبين عن كليهما (2) لبدئهم(4) في المشاهدة. وقوم ثالث في مشاهدة القادر وقدرته ومقدوره، لكمالهم في المشاهدة. فالذي لا حجاب دونه وعليه فهو في تصرف المشاهدة: يرى القادر والقدرة بعين قلبه، ولا يتصور في عين قلبه المقدور، بل شاهد المقدور بعين رأسه. لأن المقدور من أجناس الدنيا، وعين الرأس لمرتبات الدنيا خلقت. والقادر 15 والقدرة لا يرى بعين الدنيا وإنما بعين الآخرة، لأن ذلك من ميزات الآخرة .
وذو القلب يرى بقلبه، وشهود قلبه كأنه ليس في الدنيا، بل كأنه في الآخرة بقلبه وفي الدنيا بقالبه. فإذا شاهد بقلبه القادر والقدرة، غلب الشهود على 18 رؤية المقدور، فغاب. فصار كالطفل يرى، ولا يعلم ما هو. وهذا لغلبة الشهود على القلب. أما إذا تم قوة القلب قله الغلبة على الشهود، فحينثذ (1) وانتهى، في الأصل: وانتها.
(2) قارن ببهجة، فصل 32، ص 1/127- 6.
(3) كليهما، في الأصل: كلاهما: (4) لبدئهم، في الأصل: لبدوهم.
مخ ۵۹