وليس بين الإباضية والمعتزلة صلة تذكر إلا اللهم في التوافق الحاصل في المبادئ الثلاثة ولو كان ثمة ارتباط كما يظن البعض لاهتبل الإباضية الفرصة أيام المأمون في فترة القول بخلق القرآن ولتبوؤا الماصب العليا في دولتهم لكن شيئا من ذلك لم يحدث وفي كتب الإباضية كثير من المناظرات مع المعتزلة ففي "طبقات المشائخ" للدرجيني الإباضي (2/246) يقول: "وحكى بعض أصحابنا أن واصل بن عطاء المعتزلي صاحب عمرو بن عبيد كان يتمنى لقاء أبي عبيدة ويقول: لو قطعته قطعت الإباضية. قال: فبينما هو في المسجد الحرام ومعه أصحابه، إذ أقبل أبو عبيدة ومعه أصحابه؛ فقيل لواصل: هذا أبو عبيدة في الطواف. قال: فقام إليه واصل فلقيه، وقال: أنت أبو عبيدة. قال: نعم. قال: أنت الذي بلغني أنك تقول: إن الله يعذب على القدر. فقال أبو عبيدة: ما هكذا قلت؛ لكن قلت إن الله يعذب على المقدور. فقال أبو عبيدة: وأنت واصل بن عطاء. قال: نعم. قال: أنت الذي بلغني عنك أنك تقول: ان الله يعصى بالإستكراه. قال: فنكس واصل رأسه فلم يجب بشيء. ومضى أبو عبيدة وأقبل أصحاب واصل على واصل يلومونه يقولون: كنت تتمنى لقاء أبي عبيدة، فسألته فخرج وسألك فلم تجب!. فقال واصل: ويحكم بنيت بناء منذ أربعين سنة فهدمه وأنا قائم فلم أقعد ولم أبرح مكاني." ا.ه وللإمام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة الشيخ الثاني للإباضية مناظرات مع جماعة من القائلين بالقدر فقد ناظر حمزة الكوفي ففي "الطبقات" أيضا (2/241): "وقال: كان حمزة الكوفي يقول بشيء من القدر فهجره أبو عبيدة وأمر بهجرانه، فقال يوما: عجبا لأبي عبيدة يأمر بهجراني وهؤلاء الفتيان يقولوا: أراد، وشاء، وأحب، ورضي، وهو يدنيهم ولا يقول بمثل قولهم!. قال: فبلغ قوله أبا عبيدة فقال: قبح الله رأيه؛ إن هؤلاء أرادوا اثبات القدر فقالوا فيه وحمزة يريد ازالته وليس مثبته كمزيله".
مخ ۱۵۶