فأما معاونة الظالم إذا كان سلطانا أو ما يجري مجراه فذلك حرام لأن ذلك يؤدي إلى قوة ظلمه وتأكيد أمره، فأما غيره أو كان يقف السلطان فيما أعين عليه على الحق ولم تؤدي معاونته إلى الدخول معه في ظلمه أو السكون معه في بلده وتقوية سلطان ظلمه فإن معاونته على أمر بمعروف معلوم أو نهي عن منكر معلوم، إذا خلت معاونته عن هذه المفاسد تكون واجبة لقوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}(3) فإن كانت معاونته تؤدي إلى الرضا بأموره والدخول فيما يهوى أو يتقوى بذلك سلطانه أو يعلم المكلف بإمام حق أو محتسب بحق يكفي بهما فلا يجوز إقامة المعروف إذا أدى إقامته معه -أي: الظالم- وإلا لم تحصل إقامته [57أ] معه إذا لم يطابق هواه -أي: الظالم- فإن ترك إقامة المعروف معه ومعاونته عليه وترك إنكار المنكر معه وترك معاونته لا حرج في تركهما معه إذا كانا لا يتمان ولا يحصلان إلا بدخول الإنسان في هوى الظالمين ويتقوى بذلك سلطانهم سيما إذا كان الإنسان ممن يقتدى به من أهل العلم والدين وذلك لخطر معاونة الظالمين لما يؤدي إليه مما علم تحريمه لضرورة الدين من تقوية سلطانه ومصافاتهم وجر النفع إليهم، وفي ذلك كله يقول الله تعالى: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}(4) ويقول الله تعالى: {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون}(5) ويقول تعالى: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه}(1) وليس من سبيل المؤمنين اتباع الظلمة ومهاواتهم ومعاونتهم على ظلمهم والرضا بأفعالهم ومساكنتهم والسلام عليهم ومهايأتهم، وفي ذلك يقول الله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا}(2).
مخ ۲۸۲