205

بدر منیر

البدر المنير في معرفة الله العلي الكبير

ژانرونه

شعه فقه

واعلم أن المخلوقين سيما المقلدين منهم الذين لا بصيرة لهم في معرفة الكتاب والسنة من أهل فروع الفقه الذين لا يعرفون من أي آية وضعت المسألة أو أي خبر كانت عنه لا يرضون عنك حتى تسقط فيما يهوون، وتجهل كما يجهلون، وتقلد في دينك كما يقلدون ولا يرضى عنك أهل الزيغ حتى تزيغ كما يزيغون، ولا يرضى عنك أهل الغلو في الدين حتى تغلو في دينك كما يغلون، ولا يرضى عنك أهل ظن السوء في الناس حتى تسيء ظنك بالبر وغيره كما يسيئون، ولا يرضى عنك أهل الضلالات والمعاصي حتى تضل كما يضلون وتعصي الله كما يعصون، ولا يرضى عنك أهل التجوز في غصب أموال الناس بغير دليل بعين ذلك المأخوذ بنصه تعالى حتى تجيز وتفتي بجواز ما يفعلون، وقد نص الله تعالى على ذلك في آي كثيرة منها قوله تعالى: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا}(1) [54ب] ومنها قوله تعالى: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير}(2) ثم قال بعد ذلك في المنصفين العلماء الراسخين في العلم، العاملين به، المنصفين لكتاب الله تعالى بتدبر ما فيه فيدل عليه الذين وفقهم الله تعالى بسبب قبولهم الدين، والدخول باختيارهم في الحق والإنصاف واليقين، قال تعالى فيهم: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون}(1) يعني تعالى ممن رجع إلى العصبية وعمد بهواه وحرف من اليهود والنصارى إلا خلاف المحكم والمعنى القيم من الكتاب وحرف من اليهود والنصارى ومن بقي على الجهل والعصيان ولم يعرفه وقلد المحرفين في دينه لجهله فقال تعالى في ذلك: {ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون}(2) فأخبر تعالى أن من تلا التوراة من اليهود والنصارى حق تلاوتها لم يحرفها فهو مؤمن بها وإذا آمن بها فهو مؤمن بجميع الأنبياء داخل في دين سيد الرسل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن يكفر به أي: بالكتاب الذي هو التوراة وهو الذي فرق بين الأنبياء بكفره بسيد الأنبياء محمد وحرف صفته ونعته من التوراة لئلا يلزمه الدخول في دين محمد المصطفى فهو خاسر، فأخبر تعالى أن المؤمن بالتوراة -وهو المنصف لها- مؤمن بجميع الأنبياء مصدق لهم داخل في دين محمد المصطفى، مستحق للجنة ومتبع له مع ذلك حيث لحق زمانه مستحق للجنة، ومن كفر بالتوراة بأن حرف نعت محمد صلى الله عليه وآله وسلم منها فقد فرق بين الأنبياء فهو خاسر مستحق للنار، كذلك من حرف القرآن عن معناه الذي يدل عليه بغير ناسخ من القرآن أو السنة قاطعين، أو خصصه بغير دليل منهما قاطع أو ظني معروض محكم صحيح فهو غير مؤمن به، وإذا لم يؤمن به فهو كافر به إذ قد حرفه، وإذا كفر به كان كافرا إجماعا فهو من الخاسرين، فويل لأهل الزيغ وأهل الهوى من المقلدين المتعصبين، وقوله تعالى: {حتى تتبع ملتهم} إقناط لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن دخولهم في الإسلام كقوله تعالى حاكيا عن غيرهم ما قالوا للرسل بقوله تعالى حاكيا: {لنخرجنكم من قريتنا أو لتعودن في ملتنا}(1) فحكى الله تعالى كلامهم أنهم قالوا: لا نرضى عنك وإن أبلغت فلا يبلغك رضانا حتى تتبع ملتنا من الكفر بعيسى ونفسك وتقول عزير بن الله، وتقول النصارى حتى تقول مثلهم المسيح ابن الله؛ وهم يعلمون أنه لا يتبعهم لكن لييئس من إسلامهم بتصديقهم له واتباعهم له؛ فلا تغتر أيها المكلف بأهل التقليد والزيغ والجهل والبدع والتجوز والشقاق، فقد حذرتك، وإنهم لا يوالونك إلا أن تواليهم على ظلمهم، ولا يتركون تضليلك حتى تسقط في أيديهم يصدق ذلك مع ما تقدم قوله تعالى: {وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين}(2) فولي الظالم الظالم والله ولي المتقين، وليس المتقون أولياء للظلمة وإن أظهر الظالمون المودة فذلك نفاق حتى يتوبوا إلى الله تعالى من ظلمهم المعلوم، والسلام على من اتبع الهدى.

فصل في جواز قبول [55أ] عطية السلطان الجائر ونحوه من الظلمة.

قلنا ذلك على وجوه:

إن أعطاها لفاضل من أهل بيت محمد المصطفى تبركا به فلا بأس بأخذها إذا سلمت الشوائب؛ فإن علم الآخذ أنها من مال أحد معين من المسلمين فإن كانت زكاة أو خمس أو غيرها من الواجبات صرفها في مصرفها وهو وكيل لصاحبها برأي صاحبها يصرفها كذلك.

مخ ۲۷۰