144

بدر منیر

البدر المنير في معرفة الله العلي الكبير

ژانرونه

شعه فقه

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((من سمع داعيتنا أهل البيت فلم ينصره لم يقبل الله له توبة حتى تلفحه جهنم -ثم قال: من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية))(1) والله عز وجل قد جعل الأمر والنهي في خيار آل محمد -عليه وعلى آله السلام- وزواه عن ظالميهم وظالمي غيرهم، ومكن أهل الحق منهم وأجازه لهم، وذلك قوله تبارك وتعالى: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور}(2) ثم قال: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون}(3) وقال سبحانه لرسله: {فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}(4) وقوله سبحانه لإبراهيم خليله صلى الله عليه وآله وسلم: {لا ينال عهدي الظالمين}(5) وعلى هذا النحو قال تبارك وتعالى:}قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء}(6) فقال سبحانه لنبيه سيد رسله محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقول للمكلفين ويخبرهم أن الملك له تعالى يحكم به سبحانه لمن يشاء فقال تعالى في ذلك: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء}(7) يعني الأنبياء ومن تبعهم من الأئمة العادلين الصادقين وهم علماء أهل بيت رسول الله ذريته وعترته -صلى الله عليه وعليهم- إلى انقطاع التكليف في أمته صلى الله عليه وآله وسلم واتباع الأنبياء من ذراريهم في الأمم الأولى، ثم قال تعالى آمرا بالكون معهم: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}(1) وكقوله تعالى حاكيا عن إبراهيم: {فمن تبعني فإنه مني}(2) ثم قال سبحانه: {وتنزع الملك ممن تشاء}(3) فقد نزع الملك سبحانه من [39أ] الفراعنة والجبابرة؛ وإنما الملك هو الأمر والنهي لا المال والجده والسعة، كما قال عز وجل عندما قالوا: {أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بصطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء}(4) فقد بين عز وجل في هذه الآية أن الملك هو الأمر والنهي لا سعة المال ثم قال: {وتعز من تشاء} فقد أعز الأنبياء ومن تبعهم من الأئمة الصادقين الذين هم علماء أهل بيت محمد المصطفى المحقون وأولياؤهم الصالحون وأتباع الأنبياء من الأمم المتقدمة، وذلك قوله سبحانه: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}(5) والمؤمن لا يملك من متاع الدنيا شيئا فسماه الله تعالى عزيزا، إذ فعله ذلك يوصله إلى دار العز أبد الأبد، ثم قال سبحانه: {وتذل من تشاء} فقد أذل الله الفراعنة ومن تبعهم من الظالمين لأنهم معتدون غير محقين، فكل من كان في يده أمر أو نهي وكان فعله مخالفا للكتاب والسنة فهو فرعون من الفراعنة، وكل عالم متمرد فهو إبليس من الأبالسة، وكل من عصى الرحمن من سائر الناس فهو شيطان من الشياطين وذلك قوله: {شياطين الإنس والجن}(1) ثم قال: {من الجنة والناس}(2) والظالم وإن اتسع في هذه الدنيا من مال وعزة وأكثر من مظالم الناس ووقع عند الجاهل أنه عزيز فهو عند الله وعند أوليائه ذليل؛ لأن فعله ذلك يورده إلى دار الذل أبد الأبد كما قال الله عز وجل: {متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد}(3) وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الأمراء الظالمين: ((طعمة قليلة وندامة طويلة)) (4) وفعل هؤلاء الظالمين وسلطنتهم وأمرهم إنما يقوم بأعوانهم الذين يتبعونهم ويعينونهم على ظلمهم ، وإذا تفرق الأعوان منهم وأسلموهم لم تقم لهم دولة ولا تثبت لهم راية؛ فمتى كثرت جماعتهم تقووا بهم على باطلهم، واستضعفوا المستضعفين من خلق الله تعالى، وأمهل لهم ربهم حكمة منه تعالى ظاهرة وتركهم ولم يخلي بينهم وبين من يظلمونهم بالقهر والإلجاء ولا النصرة، إذ هم ومعينهم الكل ظالم القوي والمستضعف، وذلك قوله عز وجل: {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون}(5) وقال سبحانه: {ألم ترى أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تأزهم أزا}(6) يقول جلبناهم عليهم كما قال: {بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد}(7) وكما قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم: ((لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيسومونكم سوء العذاب، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم حتى إذا بلغ الكتاب أجله كان الله المستنصر لنفسه، فيقول: ما منعكم إذ رأيتموني أعصى أن لا تغضبوا لي؟))(1) فمن هذه الجهة ترك الظالمين ولم يأخذهم؛ لأن الرعية في ظلمهم وتظالمهم فيما بينهم أصناف، فقوم يقولون على الله بالجبر والتشبيه، ينفون عنه العدل والتوحيد، وينسبون إليه عز وجل أفعال العباد، ويقولون: إن هذا الذي نزل بهم بقضاء من الله وبدل، ولولا أن الله تعالى قضى عليهم بهذا الظلم الذي نزل بهم من هؤلاء الظالمين ما إذا قدر الظالم أن يظلمهم، غير أن هذا الظلم مقدر عليهم عند الله على يدي هذا الظالم؛ فإذا كانت معرفتهم هذه المعرفة وكان معبودهم الذي يزعمون أنهم يعبدونه هذا فعله بهم فمتى يقبل [39ب] هؤلاء إلى معرفة الخالق ومتى يدعونه ويستعينوا به على ظالمهم إنما هم يدعون هذا الذي يزعمون أنه قضى عليهم بهذا الظلم وقدره، ولهذا يصلون، وله يصومون ويحجون، وبه في جميع ما ينزل بهم من الظلم والجور والمصائب في المال والولد والبدن يستعينون به على دفع هذه المضار والبلوى التي نزلت بهم، فهم يعبدون صورة مصورة وعلى هذا النحو أسلمهم ربهم، وتركهم من التوفيق والتسديد، وخذلهم ولم ينصرهم على ظالمهم؛ وكيف ينصرهم على ظالمهم وهو المقدر لهذا الظلم عليهم الذي نزل بهم، فهو الذي يدعونه بزعمهم؛ أما إنهم لو أنصفوا عقولهم وعرفوا الله عز وجل حق معرفته، ونفوا عنه ظلم عباده كما نفاه عز وجل عن نفسه، ثم أمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، ودعوا ربهم حينئذ على ظالمهم إذا لاستجاب لهم دعوتهم، وكشف ما بهم من الظلم والجور، وذلك قوله عز وجل: {ادعوني أستجب لكم}(1) وقال: {وكان حقا علينا نصر المؤمنين}(2) {وكذلك ننجي المؤمنين}(3).

وفي علي بن موسى الرضى(4) عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((ستلقى بضعة مني بأرض خراسان لا يزورها مؤمن إلا أوجب الله له الجنة وحرم جسده على النار))(5) ونحوه.

وفي محمد بن عبد الله النفس الزكية(6) عليهم السلام عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((النفس الزكية يقتل فيسيل دمه إلى أحجار الزيت، لقاتله ثلث عذاب جهنم))(7).

وفي الخبر عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه خرج ذات يوم إلى باب المدينة فوقف في موضع ومعه جماعة من أصحابه فقال لهم: ((ألا إنه سيقتل في هذا الموضع رجل من ولدي اسمه كاسمي واسم أبيه كاسم أبي، يسيل دمه من هاهنا إلى أحجار الزيت -وهو النفس الزكية- على قاتله ثلث عذاب أهل النار))(8).

وفي الحسين بن علي صاحب فخ(9) عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه انتهى إلى فخ فصلى بأصحابه صلاة الجنازة ثم قال: ((يقتل هاهنا رجل من أهل بيتي في عصابة، تنزل عليهم الملائكة بأكفان وحنوط من الجنة تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنة))(10) الخبر ونحوه .

مخ ۱۹۱