{يكن له كفوا أحد} أي: ليس له من يصح أن يكافئه أي: يماثله في ذات أو صفات أو فعل أو وجود؛ فوجوده تعالى لا حد له فلا يصح أن يكون معدوما بخلاف العالم، ووجوده تعالى واجب بخلاف العالم فإنشاؤه له تعالى من العدم تفضل جائز له تعالى غير واجب عليه، وذاته تعالى ليست بجسم ولا عرض بخلاف العالم فإنهم أجسام وأعراض ملازمة للذات، وصفاته تعالى من كونه تعالى حيا عالما قادرا: صفات ذات ليست بشيء زائد على الذات، صفاته تعالى ذاته، وأفعاله تعالى مخترعة من العدم بيسر من غير نية ولا ضمير ولا مزاولة، بل بإرادته ومشيئته تعالى وهما قصده تعالى إيجاد الشيء على حسب ما يريد تعالى ويعلم من الحكمة، وقصده تعالى للشيء وإرادته له ومشيئته فهو إيجاده إياه على علم به منه تعالى وأنه سيوجده في أي وقت، وذلك العلم ليس بأمر زائد على ذاته تعالى ولا يعلم محدث متجدد له تعالى من قبل أن يكون لما في القول بذلك من الكفر والإلحاد والنسبة له تعالى إلى ما لا يجوز من صفات البشر الضعيف -تعالى الله عما تقوله المبطلة من الإفراط والتجاوز لحدود العقل والسمع، (فما قدر والله حق قدره قاتلهم الله أنى يؤفكون)، إذ يلزمهم حيث قالوا: إن الله تعالى أراده ومشيئة هي غير المراد المعقول، وعلما متجدد أن عند أحداث المحدث أن يصفوا الله تعالى بالجهل قبل ذلك؛ وإذا ثبت أن الله تعالى لا يماثل الأشياء بدليل العقل والسمع وتقررت هذه الفروق بينه وبينها فقد ثبت من جميع العالم الخطأ والنسيان؛ فالله تعالى لا يخطئ ولا ينسى، وقد ثبت في كثير من العالم إخلاف الوعد والوعيد للبدا والأعذار والجهل بمصادر الأمور، فالله تعالى لا يخلف الوعد بالثواب لمن يستحقه بعلمه وصبره، والعوض على الآلام والمصائب، والوعيد بالنار لمن يستحقه من العصاة، لأنه تعالى لا يجهل مصادر الأمور، بل هو عالم بجميع الأشياء ولا يجوز عليه تعالى البدا لأنه -تعالى- عالم ولا يجوز عليه -تعالى- الإعذار فيما يريده -تعالى- أن يفعله -تعالى؛ لأن العذر [3ب] إما لعجز أو جهل، والله تعالى ليس بعاجز ولا جاهل فلا يجوز عليه العذر، وإذا ثبت الثواب والعقاب والعوض، فليس موضع ذلك في الدنيا، وجب في الحكمة البعث للموتى أو الإحياء لجميع أهل الأرواح، وقد دل على ذلك العقل والسمع والله تعالى لا يخلف ما قال من الوعد والوعيد وغيرهما.
مخ ۱۱