مجموعة نفيسة، ولكن ما أخطر النكبة، وما أقل العزاء، لو أن هذه الكتب ظلت مصونة، لكانت رمزا لسعادة من كتبها وأمانة من كتبت إليه، أما الآن فقد أصبحت دلالة على شقاء من كتبها، وخيانة من كتبت إليه، رويدك أيها الدمع، رويدك فقد قرحت أجفاني، وما تحرك قلبها القاسي، ولكن ... في سبيل الحب ما ألاقي! وما هو الحب؟ إنه مرض من الأمراض، سمي بهذا الاسم، لولا أنه كالنقرس، لا يبتلى به إلا الملوك.
مومس تستبق الخيرات
قرأت كلمة لمراسل إحدى الصحف اليومية يذكر فيها أن مومسا ببندر دمنهور، طلبت من وزارة الأوقاف التصريح لها ببناء مسجد «سيدي ضحوة» الخرب على نفقتها الخاصة، ولما كانت موارد رزق هذه المرأة «معروفة» فقد رفض الطلب - بادئ ذي بدء - لولا أنها جددته وقدمت إعلاما شرعيا يفيد حيازتها - بالميراث الشرعي - أملاكا ثابتة ومنقولة، فوافق المفتي على طلبها وشرعت في البناء. قال المراسل: وزادت تلك المومس على ذلك أن أوقفت جميع أملاكها على بناء وترميم وتصليح كل مسجد خرب في دمنهور والمساجد الخربة فيها كثيرة!
ثم علق على هذا النبأ بقوله: كان لإتيان هذه المومس عملا خيريا كهذا صيحة دهش وعجب في نفوس الجميع، فكنت ترى في الأندية والفنادق وفي مشارب القهوات؛ جموع الحاضرين يتساءلون ألا يوجد في المدينة غير المومس؟ فكان المنظر مؤثرا جدا يبعث على الحزن العميق، وينم على مبلغ تأصل الحقد في النفوس، ويؤجج في القلوب نارا لا يخمد لها لهيب، فيا للعار ويا للفضيحة، ويا لشقائك يا دمنهور؟
هكذا يتحدث الناس حين تقوم امرأة فاجرة أو رجل فاسق بعمل جليل، ولعل أكثرهم ثرثرة في مثل هذه الشئون هو أعداهم للبر وأبعدهم من المعروف! إنكم لا تستنكرون أن يخبث الطيب، كما تستنكرون أن يطيب الخبيث، ولكن الله في رحمته لم يشأ أن يترك العالم لأحكامكم الجائرة، وعدوانكم الفظيع، فقال وهو أصدق القائلين:
إن الحسنات يذهبن السيئات ، وقال:
قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ، فما لكم كيف تحكمون؟
نساؤنا ونساؤهم
يظهر أبو الهول وهو حافل بالموضوعات النسائية، فيخيل إلى قارئه أن النساء في مصر يسابقن الرجال في ميدان الحياة، ولقد ظننت حين حمي الوطيس بين الجنس اللطيف والجنس النشيط أن نهضة المرأة لم تعد أمنية جميلة، بل أصبحت حقيقة واقعة. ولا أكتم القراء أني كنت أخشى أن أصطدم بهذه القوة الجديدة التي تمثلها - تمام التمثيل - الآنسة منيرة والآنسة إنصاف، لولا أني سألت صاحب هذه الجريدة عن اللواتي يكتبن فيها من الجنس اللطيف فأنبأني - مع الأسف - أن اللواتي يكتبن آحاد أو عشرات!
وهنا أخذت أتأمل عبث هذه الفتاة المشاغبة التي ملأت الدنيا نواحا على حرمان المرأة المصرية من عضوية البرلمان. إن قليلا من التبصر يا آنسة منيرة كاف لرجعك عن هذه الآراء الجامحة، وإن نظرة إلى فتك الجهل بالبنات والأمهات كفيلة بأن تخلق منك معلمة ماهرة تقضي على هذا الجهل في بضع سنين، ولكنك أشبهت راصد الكواكب الذي شغل عما في الأرض بما في السماء فضاع ملكه، وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم.
ناپیژندل شوی مخ