أحبك حبا لو يفض يسيره
على الناس مات الناس من شدة الحب
وأعلم أني بعد ذاك مقصر
لأنك في أعلى المنازل من قلبي
أفلا يرى القارئ أن البيت الأول أروع وأمتع، ثم ألا يشعر - وهو يقرأ البيتين الآخرين - أن قائلهما أضعف من أن يملك النفس، ويخلب الفؤاد؟
وهناك شاهد آخر للصنعة والطبع في الأعمال؛ فإنا نرى العامة يتهافتون على «الكسوة الشريفة» وهي خارجة من مشهد الحسين، فنهابهم ونبجلهم؛ لأنهم يعملون ذلك عن عقيدة ووجدان ، ثم نرى الوزراء في مكان آخر يتمسحون بأهداب تلك الكسوة فنحتقرهم ونزدريهم؛ لأنا نعرف أنهم يراءون الناس، وكذلك تختلف قيمة العمل الواحد باختلاف مصدره؛ وهو الإخلاص أو الرياء، فمن لنا بكتاب وشعراء يستمدون وحيهم من قلوبهم، ولا يضيرنا أن تسبق المجانة إليهم؛ فإن الإخلاص خير كله، حتى في الخلاعة والمجون.
في سبيل الحب!
الحمد لله قد ظفرت ببقايا تلك الرسائل، هذه قطعة من الخطاب الذي بعثت به إليها في ذلك الصباح الجميل، يوم أهدتني رواية أنديانة، عفا الله عنها كيف محت منه الإمضاء؟ لعلها خشيت أن يعرف أحد من أهلها مصدر الخطاب، فيكون ما تقذى له العين ويشجى به الفؤاد.
الحمد لله، أجل، الحمد لله الذي لا يحمد على الضر سواه! وأي ضر أبلغ من أن أرى كتبي إليها غرضا للإحراق والتمزيق؟ وأكثر من ذلك ويلاه، ماذا أقول؟ لا بد من الصراحة!
لقد ظهر عرضا في يد الخادم خطاب كتبت عليه لوازم المنزل في يوم 15 أغسطس من «السنة السوداء»، ولكن لا أنسى أن إمضائي محي منه عمدا حتى لا يعرض على الناس، فبأي لسان أشكر ذلك الصنع الجميل؟ يجب أن أفرح، هذه مجموعة نفيسة من الرسائل الغرامية، وقد لا يصعب علي أن أرتق ما بها من الفتوق، ولا مانع من أن يبقى هذا الخطاب مزخرفا بذلك النقش البديع، فقد كتبت في بعض جوانبه مسألة حسابية، يا ويلها يوم يقوم الحساب!
ناپیژندل شوی مخ