بالمنعة لِأَن الْغَالِب أَن الْإِنْسَان إِنَّمَا هُوَ فِي ملكة غَيره والأمراء المالكون لأمر النَّاس قَلِيل ماهم وَحِينَئِذٍ فأحكام هَذِه الملكة أَنْوَاع
أَحدهمَا العادلة الَّتِي لَا يعاني مِنْهَا جور وَهَذِه لَا تغير مَا فِي النَّفس من شجاعة أَو جبن وثوقا بِالْعَدْلِ الْوَازِع وادلالا
الثَّانِي الْقَاهِرَة الَّتِي تعاني بهَا شدَّة سطوته وَهَذِه كأسرة من سُورَة الْبَأْس وذاهبة بِقُوَّة المنعة لما ينشأ عَن ذَلِك من التكاسل فِي النَّفس المقهورة
الثَّالِث الجائرة بالعقاب المؤلم وَهَذِه بِلَا شكّ مذهبَة للبأس جملَة لِأَن وُقُوعه بِهِ وَلم يدافع عَن نَفسه ويكسبه الذل الَّذِي لَا يرفع بِهِ رَأْسا
الرَّابِع التعليمية الَّتِي أَخذ بهَا فِي عهد الصِّبَا تأديبا وتقويما وَهَذِه تُؤثر فِي ذَلِك بعض الشَّيْء لمرباه على المخالطة والانقياد
برهَان وجود
قَالَ ابْن خلدون وَلِهَذَا تَجِد المتوحشين من بَدو الْعَرَب أَشد بَأْسا مِمَّن تَأْخُذهُ الْأَحْكَام ونجد الَّذين يعانونها وملكتها من لدن مرباهم فِي التَّأْدِيب والتعليم فِي صناعَة أَو علم أَو ديانَة فينقص ذَلِك من بأسهم كثيرا
1 / 50