142

مرت هذه الأخيلة كلها حين كان ورقة يلمس أصابع سيده الحكيم يقبلها شكرا له على براهين بره الشديد وحبه إياه، فقبلها مرة أخرى، وكانت قبلته في الثانية طويلة، وذلك حين كان قوزمان وهرميون وهيلانة ولمياء داخلين، وأدرك نيقتاس سر هذه القبلة الثانية الطويلة، وكانت عينه قد لمحت لمياء فيما لمح، ورأى زهرة أنضر من زهرات الربيع تخطر على بساط القاعة خطرة مائسة، فملكته هزة الحبور بأنه أنفق جهدا في محله، وأن عمله كان صوابا من جميع النواحي؛ لأن ورقة كان على كمال رجولته حسن الخلقة فمزج نيقتاس تحيته للقادمين بما كان فيه من الحديث، وقال يحادث لمياء: انظري يا لمياء، لقد جعلت من هذا القديس رجلا مثلنا؛ ليعرف كيف يقدر هذا الحسن، وهذه الرقة. ثم تقدم إليهم وسلم عليهم، وانبرى أهل لمياء يشكرون الوالي بالدعاء، وكانت هيلانة أفصحهم في ذلك قولا، ولما جاء دور لمياء ومدت يدها للسلام وانحنت لم يترك نيقتاس يدها، بل قال للجميع مازحا: لم يشأ ورقة أن يعقد له أبونا البطريق يوحنا الرحوم نفسه، الذي يتصرف وهو في الإسكندرية في ملكوت السموات والأرض، وبالأحرى لم يشأ البطريق نفسه أن يتولى هذا العقد؛ لأنه علم أن ورقة يؤمن بإله واحد لم يلد ولم يولد! ولذلك عزمت على أن أزوجهما أنا بما لي من حق الولاية على الناس، والزواج مسالة دنيوية خالصة، لا يصح أن يتدخل فيها الإكليروس بتاتا. هي أمر يترتب عليه حقوق والتزامات وواجبات ومواريث. فما شأن أهل الكنيسة في ذلك! ألا ترى ذلك يا قوزمان؟ قال: ما عجبت لشيء عجبي أن يتدخل أهل الآخرة في شئون أهل الدنيا، وسكوتنا نحن أهل الدنيا عن ذلك. كان يجب أن يكون أمر الزواج في يد الشرطة لا الكنيسة. هذا افتئات على الحقوق، وتفريط من ولاة أمر الناس في حقوق الناس، وقالت هرميون: إنهم في بلادهم يعقدون الزواج بأهون من هذا: بالقبول وحده، ولكنهم يعلنونه بما لديهم من وسائل الإعلان: بالدعوة إلى وليمة، أو الاحتفال بالزفاف. قال نيقتاس: وأنتم راضون بذلك؟ قالوا: كل الرضا. قال: وأمها؟ قال قوزمان: إن لها وحدها حق الولاية عليها في الزواج؛ هذا شرط شرطناه على زوجها يوم زوجناه منها، وإليك صك ذلك، فتناوله الأمير وقرأه، ثم التفت إلى ورقة، وقال: ففيم إذن ما كنت فيه؟ قال: إن مولاتي لتعلم سري، وهي على ما ترى ما كانت تريد أن تصدر إلا عن البر بزوجها قال: هذا من أمرها، أما اليوم وهذا الصك معنا فقد عدونا ذلك. أأنت راضية عن هذا الزواج يا هرميون؟ قالت: أما عن نفسي فكل الرضا، وأما ... قال نيقتاس مقاطعا: لا يهمني ما وراء ذلك؛ لأن في يدي صكا بحقك، فلم يبق إلا لمياء، ثم ابتسم وقال: هل هي راضية؟ فأجابوا: نعم. قال: أريد أن أسمع صوتها فلا بد أن يكون جميلا كوجهها، فابتسمت لمياء حياء، وحرضتها هيلانة وقوزمان أن تقول نعم. فقالتها في النهاية. فقال نيقتاس: صدق حدسي، ثم التفت إلى ورقة وقال: وأنت أيها القديس ؟ قال: نزلت عن قداستي يا مولاي، إنى كما تشاء لي. قال: أشاء لك أن تكون زوجا للمياء وأخا وصديقا ووليا أمينا. هات يدك. فلما تناولها جمعها إلى يد لمياء، وقال: لقد تحاببتما زمانا طويلا حب نقاء وتقى، ورجولة صحيحة وأنوثة مطهرة، وتمنى كل منكما أن يكون زوجا لصاحبه، ورفيقا في الحياة الدنيا على سنة الولاء والتعاون والرعاية الخالصة. فليكن ما أردتما برضاكما ورضا من لهم الولاية في أمركما، وأنتما من هذه اللحظة زوجان. فركع العروسان يقبلان يده فقبلهما معا وبارك عليهما، ثم قال: سأكتب لكل منكما وثيقة تختم بخاتم القصر، وتمهر بإمضائي، ويشهد عليها الحاضرون، وسأكتب لك يا ورقة وثيقة أخرى أرفع بها رتبتك درجة حتى تلقى الإمبراطور في القسطنطينية برتبة أعلى، وأخرى بتمليكك عقارا في الإسكندرية هدية منى إليك لعرسك بعد عودتك، وأنت منذ اليوم إلى حين سفرك في إجازة تقضيها بجوار لمياء. فركع ورقة ولمياء شكرا للأمير، وتناولا يده يقبلانها فقبلهما نيقتاس وبارك عليهما. حين كانت تبكي هرميون وهيلانة بل وقوزمان؛ لفرط مسرتهم، وتأثرهم بفضل الأمير، وشكروه على هذا البر، وتأثر الأمير لهذا المشهد، وخطا متراجعا وهو يقول: لو كانت معركة من معاركنا مع الفرس ما أجهدت نفسي هذا الإجهاد. أف للقديسين والقديسات!

فضحك قوزمان لهذه الملاحظة، وضحك ورقة والأختان معه؛ لأنه كان يعلم أنه يشير بها إلى تردد ورقة في إنفاذ مشيئته. كما أنه كان يعلم أن نيقتاس رجل له مذهب خاص في الدين لولا تملكه منه ما تم زواج ورقة بلمياء.

على أن الأمير كان يشير أيضا إلى رفض البطريق أن تكون له يد في هذا الزواج ما دام ورقة كافرا بربوبية المسيح، ولذلك تساءل: خبروني بربكم أليس هذا التزويج أكرم وأصح؟ فقال ورقة: هو ما يفعله العرب يا مولاي، ويكفي في الإسلام قبول الطرفين، والشهود للإعلان، والكتابة للإثبات. قال: سأزيد على الوثائق أن زواجكما على سنة الإسلام إذن، ثم توجه إلى لمياء مسائلا في غير حاجة إلى علم: هل أنت مسلمة يا لمياء؟ قالت ولم تتردد: أجل، والحمد لله يا مولاي. فشده الحاضرون لذلك، وقالت أمها: متى كان ذلك يا بنية؟ قالت: منذ أحببت ورقة. فقال ورقة: ولا أدري! فضحك نيقتاس وضحك الحاضرون معه، وقال نيقتاس: واشهدوا يا شهود العرس أنني أنا أيضا اليوم على يد ورقة من حيث لا يدري. إنه قديس حقيقة. ثم نهض الأمير وانصرف؛ ليترك للأهل والعروسين فرصة النعيم بعشية العرس.

الفصل الرابع والأربعون

على هامش الحوادث

خلا ورقة بأهله فهنئوه وقبلوه جميعا وقبلهم، وكان أول ما تساءلوا عنه حكاية سفره إلى القسطنطينية فذكر سببها بقدر ما يجمل به ذكره من أسرار الدولة لغير أهلها. فأسفوا لفراقه هذا القريب، ولكن هيلانة تدخلت في الأمر تهون فراقه فقالت: إن السعادة التي نلناها الليلة أكثر من حقنا فلنجعل الزيادة عوضا من ألمنا لغيبة ورقة، ولنحتفل الليلة بما نلنا من السعادة التي لم نكن ننتظرها، لقد تغلبنا على هرميون وورقة معا، وهذا أكبر شيء. هلموا بنا إلى داري. قال قوزمان: بل إلى دارنا. نحن هناك أكثر حرية، وانصرفوا على ذلك.

وفيما هم في الطريق تذكر ورقة أن مجلس الجيش كلفه أن يلقى أورست في ليلته وينهي إليه قرار سفره، ولا بد من تنفيذ ذلك، ولكنه لم يقو على فراق لمياء في هذه الساعة السعيدة؛ لتأدية هذه المهمة، وخطر له أن يؤجلها إلى غده، ولكنه كذلك لم يقو على مخالفة الأمر، ورأى أن يستفتي قوزمان حينما وصلوا إلى دارهم، فأشار عليه أن يدعوه إليه، وأقرته هيلانة على هذا الرأي مشددة. فأرسل ورقة إليه رسالة رقيقة مع حارس البستان، ولم يكن هذا يجهل بيته؛ إذ كان في حدود بيت قوزمان فذهب إليه.

قضى الجمع ساعة من أطيب ساعات حياتهم كان ورقة في غضونها يكلم لمياء بنظراته وابتساماته التي كان يتلو فيها قصة حبه لها، ويذكر ما لقي من أجلها من أخيها النضر حتى صاحت هرميون: لعل من أسباب رضاي بتعجيل العقد رغبتي في أن يبلغ الخبر أذنيه فيصمهما، ولكن هيهات! كيف ترسل إليه الخبر؟ لم يعد هذا ممكنا والفرس يحاصروننا، ويسدون علينا الوادي. قال : بل هو ما سيحدث غدا يا مولاتي، فاعترض الجمع على هذه التسمية، وقالوا: أحب النداء إليها الآن أن تقول لها: يا أمي. فابتسم ورقة وقال: لقد كان القلب يحدثني أني منها كذلك حتى حين قطعت الأمل، وعملت من ناحيتي على سد كل سبيل. لقد كنت على حق يومئذ، ولكني لم أكن على حق هنا. ألا ليبارك الله في مولاي الأمير وليجعلني فداه؛ لقد بصرني بما أعماني عنه اطراد الأمر. إنه سيرسل رسولا خاصا إلى مولاي الحارث في جدة أو في مكة، ولن يعدم الرسول وسيلة لبلوغ تلك الديار العزيزة، وسأحمله رسائل إلى باقوم وأمي، وإلى مولاي رسول الله؛ ليبارك زواجنا ويدعو لنا. فتأوهت هرميون وقالت: كنت أحب أن أرسل إلى الحارث رسالة، ولكنى لا أدري كيف أجرؤ على ذلك بعد أن كتبنا له كلنا رسائل نستعطفه فيها ونرجو دعاءه، ونلتمس منه الحضور إلينا، فلم يرد علينا، واستمر في غضبه علي؛ لتركي إياه في مكة عندما فررت بلمياء من أذى النضر. قال ورقة: وهل جاءنا خبر أنه تسلم الرسائل؟ قالت: لم يصلني شيء، ولكن الرسول الذي حملها كان من البر بنا في أول مرة بحيث لا أشك في أنه سلمها إليه كما سلم الأولى، ولو أنه استعصى عليه تسليمه إياها ما فاته أن يكتب إلي كما فعل أول مرة. قال قوزمان: إنما كتبت الرسائل يوم تركنا منف فهو إذا كان قد سافر بها فما كان يملك أن يعود برد أو خبر؛ لأن حال الطريق اليوم غيرها بالأمس، أو لعله أرسلها إلى منف فبقيت هناك، ولم تهتم نيفرت بها انتقاما منا جميعا. لا، ليس هذا برهانا. إن الرسائل في أيام الحروب والحصار لا يسهل وصولها إلى أربابها. ترى كيف يرحل إليه رسول الأمير؟ قال ورقة: لعله سيسير بالبحر إلى كانوب، ثم ينحدر في النيل أو في الصحراء كيفما شاء. إن هؤلاء الرسل أدرى بوسائل تأدية الرسائل. سيخبره الأمير في رسالته بما فعل، ثم ابتسم وقال: وسيحمل الوزر كله عنى وعن لمياء وسيدتي الأم! فضحكت هيلانة قائلة: الحمد لله على أنه لن يلقي شيئا من الوزر علي. فقال أبوها: بل الوزر وحقك وزرك فيما كان. قالت هيلانة: إن كان وزرا. قال: بلى. بلى. زعمت ذكاءك يعرف قصدي يا بنيتي، فقالت: لقد كان ذكائي مشغولا عن هذا التفسير بأن لك في هذا الوزر نصيبا كبيرا يا أبتي، فضحك الجمع لهذا، واستمرت هيلانة في كلامها: لقد قلت للأمير إنه قديس. قال وهو يمزح مغالطا هيلانة كما غالطته: أجل، ولكن ليس معنى هذا أن أعطي القديس حفيدتي، فالقديسون لا يتزوجون، قال الجمع: وي يا أبي، أأنت غير راض عن زواج ورقة. قال: من قال هذا؟ قالوا: أنت تقول هذا، قال: لا. ما كان ورقة ليتزوج لو ظل على قداسته. أما وقد نزل قليلا، وأصبح مثلنا نحن الناس فقد أصبحت لمياء صالحة له؛ فضحك الجمع لهذه المغالطة الإغريقية التي اعتاد العلماء أن يمزحوا بها مع الناس، وقالت هيلانة: صلحا يا أبي، لست من أهل الجدل مثلك، ونهضت هيلانة تقبله، وإذا بحارس البستان يؤذنهم بمجيء أورست، وهم ورقة بالنزول إليه، ولكن هيلانة تساءلت: ألا يصح أن ندعو رجلا عظيما كهذا إلى الطابق الأعلى؟ إنه من رجال المجلس فيما علمت من ورقة، والواقع أن ورقة لم يخبرها إلا بأنه أكبر تجار الغلال في المدينة ومن كبار أغنيائها، ولكنها شغلت به منذ كان مارا بباب دار أبيها ساعة لقيت ورقة، وأردات أن تعرف ظاهره وباطنه، فلما لقيت أباها قبل أن يصعد ورقة إليها روت له أن ورقة جاء، وأنه مع رجل يدعى أورست، وسألته في غضون الحديث عمن يكون أورست هذا؟ لتعرف عنه شيئا أكثر، فأخبرها أنه من أعضاء المجلس، واليوم نسيت من القائل لها ذلك منهما، وعزت القول إلى ورقة، ثم تنبهت إلى خطئها فعلاها شيء خفيف من الخجل؛ لأنها لم تكن تريد أن يفتضح لها سر، ولحظه ورقة حين كان ينظر إليها. على أن أباها أنقذ الموقف بقوله: إني أعرف الرجل حق المعرفة، ولا أرى بأسا من صعوده إلا أن يكون ورقة ... فقال ورقة وقد رأى رغبة هيلانة في الالتقاء بالرجل الوسيم الذي شاهدته من شرفة المنزل، حين اقترحت دعوته، وحين اقترحت صعوده: لا أرى في ذلك بأسا. إنه رجل عظيم، وأنا أحبه وإن كانت صداقتنا وليدة السيف.

جيء بأورست، وكان إذ ذاك في لباس فاخر كأنه شعر أن سيلقى هيلانة التي رآها في شرفة البيت وهام بها فؤاده، فاستعد لهذا اللقاء بما يجب له؛ وقابله الجميع بالترحاب العظيم، وكانوا جميعا في ذلك الملبس الكريم الذي استعدوا فيه للقاء الأمير بمناسبة زواج ابنتهم، ولما يمض عليه وقت يذكر، وورقة في لباسه العسكري الجميل. فكان الحفل بالغا حد الكمال والروعة، واتخذت هيلانة لنفسها صفة الزعامة في المنزل، وساعدها هذا على الحركة والكلام، وتحية الضيف بالقدر الواجب، وتمكنت من إبداء قدرتها الساحرة الكمينة فيها حتى كادت الأربعون من سني حياة الرجل تزول، ولا يبقى إلا سبع سنوات يتكلم أورست بلسانها، ويرجو بقلبها، وكادت هذه السنوات السبع تزول منها أربع أيضا عندما طلبت إليه هيلانة أن يهنئ صاحبه؛ إذ عقد له الأمير على لمياء. فنهض أورست يهنئ ورقة، وتجاوز التهنئة بالسلام والقول إلى العناق والتقبيل، ولم يفت هيلانة معنى هذا، فقد كانت تتأمل كل همزة من همزات نفسه في صوته أو في يديه أو في بدنه، وهى مجدة في توجيه عيني الرجل وقلبه وحسه كله إلى حيث تريد. فلما انصرف إلى لمياء يهنئها بدرت منه كلمة عرفت منها هيلانة أنها بلغت مرادها فألقت عصاها واستقرت. قال أورست: أما إنك يا ورقة موفق فهذا ما لا شك فيه. إن من يظفر بكريمة من بيت قوزمان أشرف رجل في الإسكندرية وأحبهم إلى أهلها جدير ألا يعد أيامه من هذه الدنيا؛ بل من حياة السعادة الأبدية الخالدة أسلفت إليه. هنيئا لك يا ورقة ما وفقت إليه، فشكره ورقة على تهنئته، وشكره قوزمان على تحيته وحمد الله، وعملت هيلانة على ترك المجلس للرجلين فكان ما أرادت؛ فذكر ورقة لأورست مهمته، وما كلف به من السفر معه إلى القسطنطينية؛ للقاء الإمبراطور. فقال أورست وقد فوجئ: كنت أريد أن أقول لك إنه لولا أني أسافر معك ما رضيت. قال ورقة: والآن؟ قال: أريد أن أقول لا أسافر ولو كنت معي، ثم ضحك. قال ورقة: ويحي! لماذا؟ قال أورست: هل لي أن ألقاك غدا؟ بل أنت قبلت دعوتي يا صاحبي فأنا في انتظارك. قال ورقة: لم يعد لي أن أثبت على وعدي حتى تقول لي لماذا تريد أن تلقاني غدا ولا تلقاني الليلة؟ والله يا أورست ما هون علي فراق زوجتي إلا أنك مرافقي. فقال أورست: إما إن نتساوى في ذلك أو فلا؟ أنا أيضا أريد أن تكون لي زوجة؛ لأقول لك عنا كما قلت لي: «والله ما هون علي فراق زوجتي إلا أنك مرافقي» قال ورقة: ألست متزوجا يا أورست في هذه السن! قال: كانت لي زوجة منذ عشر سنين، ثم غلبني عليها الغلاب، فإن شئت أن أرافقك فسر بأمنيتي إلى قوزمان وحققها لي: إنى أحببت هيلانة منذ ما وقعت عيني عليها هذا الصباح، ورأيتها الليلة فتنة للعين والقلب معا، وقد علمت أنها أيم فلا محظور من زواجنا. قال ورقة: لا بد من رضا الأمير فوق رضاها ورضا أبيها. قال أورست: كل هذا عليك. هذا شرط لسفري، وإلا فاذهب أنت وحدك. قال ورقة: سأمضي في ذلك وسأجيئك غدا بالجواب، وأرجو أن أوفق؛ فارتاح أورست إلى ذلك وشكره وقبله، وكانت هيلانة قد عادت هي وأبوها، وسمعت هرميون ولمياء جمل التوديع فحضرتا؛ لتوديع الضيف الصديق ورقة.

فلما زايل المنزل، واجتمع ورقة بهرميون خبرها بأمنية أورست فارتاحت إليها وسرت، وكلمت أختها في ذلك على الفور، وما كانت في حاجة إلى السؤال في أمر دبرته هي. على أنها تظاهرت بأنها تترك كلمتها لأبيها، ورأى أبوها الخير فيما كان ... وكان نبأ ورقة لأورست ثاني يوم عظيما، وذهب قوزمان يستأذن نيقتاس في الأمر فأذن، وكانت ليلة أخرى سعيدة إلا أنهما أجلا يوم الزفاف إلى حين عودتهما من القسطنطينية.

ناپیژندل شوی مخ