فقام فؤاد فقبل رأسها ويديها قائلا: لن تكون الكلمة الأخيرة إلا لك يا أمي.
فضمته إلى صدرها دامعة العين، وأخذت تعيد عليه أوصاف من عرفت من الفتيات من قريباتها أو بنات صاحباتها وجاراتها، ولم يضق صدره هذه المرة من حديثها، فكان يجيبها مداعبا، وكلما ذكرت وصفا لا يشبه بعض خلق علية أو طبعها قال مرحا: ليس هذا طلبي.
فقالت أمه آخر الأمر: إذن فصور لي الزوجة التي ترضاها.
فجعل يصف لها ملامح وجه علية وطولها ولون بشرتها وشعرها ومشيتها ونغمة صوتها وهو في كل ذلك يتأمل الصورة الماثلة أمامه من خيال علية، ثم قال لها: وأما روحها، أما طبعها ...
وسكت لحظة ثم قال: أما طبعها فلا أستطيع أن أتحدث عنه إلا إذا رأيتها.
فضحكت الأم قائلة: وأين نجد كل هذه الصفات مجتمعة يا ولدي؟
فقال باسما: سوف أنتظر حتى أعثر عليها.
وقال في نفسه: «وسأنتظر طويلا».
وخيل إليه أنه لن يضيق بالحياة إذا قضاها وحده، قانعا بما تحقق له من مودة علية.
وجاء النبأ بعد أيام أنه قد نقل إلى طنطا، فملأه ذلك سرورا؛ إذ كان يستطيع وهو هناك أن يزور الإسكندرية بين حين وحين، فيقضي بها يوما أو أياما.
ناپیژندل شوی مخ