زما ورقې ... زما ژوند (لومړی برخه)

نوال سعداوي d. 1442 AH
88

زما ورقې ... زما ژوند (لومړی برخه)

أوراقي … حياتي (الجزء الأول)

ژانرونه

في مدرسة السنية، في ربيع عام 1945م، وقع حادث انقلبت له الدنيا، واحدة من الفراشات اسمها دادة «أم علي» أطلقت صرخة حادة من دورة المياه، خرجت تحمل بين ذراعيها مولودا يرفس بيديه وقدميه، أعلنت الناظرة الطوارئ، إغلاق الأبواب، حظر الخروج على جميع البنات.

لم أفهم الموضوع، «دادة أم علي» (الفراشة) ولدت طفلها في دورة المياه؟ زميلتي سعاد همست في أذني بكلمة جديدة: «لقيط»، الناظرة تشبه نبوية موسى وطنط فهيمة، ترمق طوابير البنات بعينين جاحظتين، النظارة الزجاجية تدب على الأرض بكعب حذائها، أنفها من الجانب يرتعش، حركة عصبية، شامخة إلى السماء، أرستقراطية من سلالة البشوات والأمراء من عائلة محمد علي باشا.

لم تعثر الناظرة على البنت الآثمة، أصبحت كل تلميذة متهمة بالحمل السفاح، رنت كلمة السفاح في أذني مثل السفاح، سمعت من طنط هانم عن السفاح في حي السكاكيني، بجوار شارع الظاهر. «السفاح» يحمل السكين يقتل الناس، يعيش في السكاكيني، لا يسكن فيه إلا أصحاب السكاكين، يا عبيطة يا نوال، السكاكيني باشا كان عايش في الحي، عشان كدة اسمه السكاكيني! باشا يسمونه السكاينس؟ هل جمع فلوسه من بيع السكاكين يا طنط هانم؟

شرحت زميلتي سعاد الفرقة بين السفاح والسفاح، السفاح (بالكسرة) هو الحمل أو المولود بدون أب.

مولود بدون أب، سيدنا عيسى عليه السلام، أهناك غيره؟ سعاد تشرح لي، عيون المفتشين تمر علينا في الطابور، كشافات تبحث عن علامة الجريمة، الحمل السفاح مرسوم فوق وجه التلميذة؟ في بصمة يدها؟!

لم يعثروا على البنت المذنبة، أصبحت البنات كلهن مذنبات، مدرسة السنية كلها أصبحت مذنبة، مدرسة سيئة السمعة. - انتي في مدرسة إيه يا نوال؟ - السنية يا طنط. - ياه! اللي لقوا فيها ما اعرفش إيه في التواليت!

النسوة من عائلة المرحوم جدي تنتفض أجسادهن، يشهقن في نفس واحد، ياه! لا تكف الواحدة منهن عن السؤال: انتي في مدرسة إيه؟ السنية يا طنط، يا مصيبتي! في عيونهم لا أرى أي مصيبة، اللذة تتأرجح في عيونهن، أيحلمن طول الليل بالحمل السفاح؟!

طلبة المدارس يمشون وراءنا يغنون ساخرين: يا بنات السنية، مشيكم على الأرض غية (على وزن: يا بنات إسكندرية، مشيكم على البحر فيه).

أحدهم يمسك طوبة يقذفنا بها، يلقي بحقيبة كتبه فوق صدر واحدة منا، يركب معها الترام، يتبعها حتى بيتها، لا يكف عن الهسهسة بصوت قبيح، كلمات أقبح من الفحيح.

خبطني واحد منهم بكوعه في صدري، واقفة أنتظر الترام، أمسكت حقيبة كتبي وهويت بها فوق رأسه، يسقط على أسفلت الشارع فوق قضبان الترام، كادت العجلات تدهسه، تجمع زملاؤه، شدوه إلى الرصيف، لم يقترب مني أحد منهم، يرمقونني من بعيد، إذا حاول أحد منهم الاقتراب صاحوا به: اوع يا ابني رأسك! دي من عيلة طرزان!

ناپیژندل شوی مخ