202

في كل حسن أرى سرا يجاذبني

نفسي، وما لي بهذا السر عرفان

أرى الجمال فتطبعه زجاجة العين على صفحة القلب، فإذا هو على لساني وقلمي؛ فأنطلق قائلا معجبا، ومنشدا مطربا.

وكل شيء يبعث الأمل، ويحدو إلى العمل، وكأن القضاء طوع الخيال، وليس في الدنيا محال، وكأن الإنسان يستطيع أن ينحت الجبال بقلمه، وينزف البحر بفمه، والمستقبل وضاء، وكل ما في العالم ضياء.

2

ثم نفذ الفكر إلى ما وراء الظاهر، وتطلع إلى ما في السرائر، وجاوز القشر إلى اللب، وخاض الضحضاح إلى العباب، وكشف المجاز عن الحقيقة، وطالع ضمائر الخليقة، فانبهم العالم واستعجم، فإذا كل شيء مبهم، فالفكر فيما وراء الحجب جائل، وكل سر هنالك هائل، والضوء هنالك ضباب، والبصر حجاب.

امحت الأشكال، وخفيت الألوان، وعيت الريشة في يد الراسم، وحار القلم في يد الشاعر، وبهت المنطق دون البيان، وجمد اللفظ على اللسان، ويبقى السر المحجب، آبيا على كل مطلب، أو يبص من الحقيقة حاجب يتسع عن ضيق الألحان، ويكبر على سلاسل القوافي والأوزان.

ورحم الله الشاعر سنائيا إذ يقول: «رجعت عما قلت؛ إذ ليس وراء الألفاظ معان، وليس لما ندرك من المعاني ألفاظ.»

3

أهم بالمعنى الصغير، فإذا هو حلقة في سلسلة، وطريق إلى كل معضلة، وجزء من كل حقيقة هائلة.

ناپیژندل شوی مخ