(وهو) أي مقتضى الحال (مختلف فإن مقامات الكلام متفاوتة) كان الظاهر أن يقول فإن الأحوال متفاوتة، إلا أنه نبه على ترادف الحال والمقام، قال الشارح المحقق: الحال والمقام متقاربا المفهوم، والتغاير بينهما اعتباري، فإن الأمر الداعي مقام باعتبار توهم كونه محلا لورود الكلام فيه على خصوصية ما، وحال باعتبار توهم كونه زمانا له، ولا يخفى أن وجه التسمية لا يكون داخلا في مفهوم اللفظ، حتى يحكم بتعدد المفهوم بالاعتبار، ولذا حكمنا بالترادف، ثم الظاهر أنه سمى مقاما لأنه كما أن تفاوت مراتب الرجال تثبت بالمقامات كذلك تفاوت مراتب الكلام بالأحوال، وسمي حالا لأنه مما يتغير ويتبدل، كالحال الذي عليه الإنسان، فإن قلت يتجه على ما ذكره الشارح أن تفاوت المقامات لا يستدعي تفاوت مقتضيات الأحوال لجواز أن لا تتفاوت الأحوال، ويكون تفاوت المقامات باعتبار ما اعتبر فيه! ! قلت: المراد أن ذات مقامات الكلام متفاوتة، ومما فرق بين الحال والمقام أن المقام يضاف إلى المقتضى فيقال: مقام التأكيد والحال إلى المقتضى فيقال حال الإنكار، ثم المقصود من هذا الكلام يحتمل أن يكون وصية المتكلم بالاحتياط في تطبيق الكلام على مقتضى الحال فإنه # في معرض الاختلال؛ لاختلافها باختلاف الأحوال، وأن يكون بيان وجه كون المقتضيات مختلفة، وعدم اعتبارها على نحو واحد، يعني إنما جعل خصوصيات الكلام مختلفة لإنها لإفادة الأحوال، ولا بد للأمور المختلفة من دوال مختلفة، لتستفاد منها، وهذا كما سمعت من علماء النحو، إنما وضعت الإعراب مختلفة ليدل على المعاني المعتورة على المعرب، وعلى الاحتمالين لا ينبغي لك أن تنازع معه بأن الأحوال المتكثرة كثيرا ما يجتمع على مقتضى كما ترى من اجتماع الإفراد والنوعية والتعظيم والتحقير والتنكير والتقليل، على التنكير إلى غير ذلك، وبأن المقتضيين قد يكونان لمحال واحد كالتنكير واسم الإشارة، فإنهما يكونان لتعظيم أو تحقير، وذلك لأن ما ذكرت لهما نظيران هو الاشتراك والترادف، وكلاهما على خلاف طبيعة قانون الوضع، فخلاف الظاهر لا يسعه أن يورد نقصا على دعوى انتفاء تحقق ما هو الظاهر، فكن معنا ولا تفارقنا إن لم تحرم عن المشاعر.
مخ ۱۸۶