(كقول الفرزدق) هو كسفرجل: رغيف سقط في التنور، الواحدة بهاء، أو فتات الخبز، ولقب همام بن غالب بن صعصعة (في خال هشام) نبه به على أن المملك هو هشام: [وما مثله في الناس] (¬1) لا في مجرد العرب فبذكر قوله في الناس جعل النفي عاما، ولولاه لتبادر نفي المثل في العرب [إلا مملكا] فسر بمن أعطى المال والملك وكأنه روى اسم مفعول، وإلا فالأبلغ اسم الفاعل [أبو أمه حي أبوه يقاربه] أي حي يقاربه أشار إلى أن (حي) بدل من مثله، ويقاربه صفة له، فقد فصل بين البدل والمبدل منه، والصفة والموصوف بأجنبي، وهو مما لم يجوز (إلا مملكا) أشار إلى أنه مستثنى من حي يقاربه، قدم عليه فوجب نصبه الذي كان مرجوحا حين التأخير، إذا كان المختار رفعه على البدل، ولذا رفعه بعد التأخير في التفسير (أبو أمه أبوه) إشارة إلى أن (أبو أمه مبتدأ)، أبوه فصل بينهما بالأجنبي، والجملة صفة مملكا، فبمخالفة القوانين النحوية، ومخالفة الأصل الذي هو تقديم المستثنى منه حصل التعقيد، فلتقديم المستثنى مع شيوعه دخل في التعقيد. واعلم أن إيراد البيت لتوضيح التعقيد لا لتمثيل ما يخرج عن حد الفصاحة بقوله: والتعقيد؛ فإنه خرج بذكر ضعف التأليف، وقد بالغ في مدح خال هشام، ونفي من يماثله، وأشار ببيان أنه خال المملك إلى أن مماثلة المملك لا ببعض توحده، لأن مماثلة المملك له إنما جاء من قبله، وبحكم أن الولد يشبه الخال، ولا يخفى أنه لو قيل في الناس خبر مثله، ومملكا مستثنى من مثله، وأبو أمه مبتدأ، وحي خبره، وأبوه خبر ثان، ويقاربه خبر ثالث، لم يكن تعقيدا، ويكون المعنى: ما مثله في الناس إلا مملك في غاية الحداثة، إذ أبو أمه حي، وأبو أمه أبو الممدوح، ومن أقرباء المملك، مع قطع النظر عن أنه جده فيكون مدحا للممدوح بالنسب بعد المدح له بالحسب، وليس في هذا التوجيه إلا نصب مملكا مع أن المختار رفعه، ولولا مخافة الإسآم لذكرت وجوها أخر في الشرح # وحواشي بعض فضلاء الأنام، ولزيفت ما هو مزيف، وأحكمت ما هو قابل للإحكام، ولعل المصنف علم قصد الفرزدق فبني التمثيل على قصده فلا يضره احتمال.
[وأما في الانتقال]
(وأما في الانتقال)
أي في الانتقال الذي ليس لخلل النظم، وإلا فعدم ظهور الدلالة الخلل في النظم إنما هو لخلل في الانتقال، ولك أن تريد الانتقال من الموضوع له، ويتم التقابل إذا ما سبق خلل الانتقال فيه من اللفظ، وذلك الخلل إما لإرادة ما ليس لازم المعنى الأول الذي أريد الانتقال منه، وذلك بعيد الوقوع رديء جدا، وإما لكونه لازما بعيدا يغتر الذهن دون الوصول إليه، وإما لعدم نصب القرينة، وذلك أيضا بعيد جدا، أو لنصب ما هو خفي.
(كقول الآخر) لم يقل كقوله ليعلم أنه غير الفرزدق، أو ليعلم أنه أيضا بليغ من البلغاء، كأنه كقول البليغ الآخر، ولذا صرح باسم الفرزدق أيضا سابقا ليعلم أن البلاغة والمهارة لا يمنع عن الهفوة، فلا بد لكل ذي يد طولى أن يسعى في تحصيل ما هو الطولي، ولا يعتمد على أن بلوغه المرتبة العليا متكفل له، وقال الشارح: لئلا يتوهم أنه الفرزدق، وفيه أنه تأكد حينئذ التوهم في قوله: كقوله:
سبوح لها ... إلخ: [سأطلب] (¬1) سوف أطلب البعد، وإن كان مهما، وقال:
مخ ۱۷۶