فإنه خالف ما ثبت من الواضع وهو الأجل تتمته: أنت مليك الناس ربا فاقبل، فإن قلت: ليس الأجلل مفردا غير فصيح؛ لأن المفرد قسم الموضوع، والموضوع هو الأجل لا الأجلل! قلت: أصل كل مغير موضوع عندهم كالفرع # إلا أنه هجر الأصل، فإن قلت مما يجوز للشاعر فك الإدغام وهو جائز بشرط الاضطرار اتفاقا، وعند ابن جني من غير اضطرار أيضا، قلت: الضرائر مقيسة وغير مقيسة، وفك الإدغام غير مقيس، فلعل الشعر ليس من العرب العرباء، بل ممن ليس له الفك فيما لم يسمع، وقوله: ربا بالألف، يريد به يا ربي، فيا محذوف، والألف بدل عن الياء أي فاقبل الحمد.
[قيل ومن الكراهة في السمع]
(قيل) فصاحة المفرد خلوصه عما ذكر (ومن الكراهة في السمع) هكذا قدره الشارح، فإن قلت قد سبق أن تعريف الفصاحة والبلاغة على هذا الوجه مما لم يجده في كلام الناس إنما أخذه من اعتباراتهم وإطلاقاتهم، ولو كان فصاحة المفرد معرفا بهذا التعريف لم يكن أخذ تعريفه على هذا الوجه من اعتباراتهم وإطلاقاتهم، بل كان تنقيحا لتعريف وجد في كلامهم بحذف ما هو مستدرك منه! ! قلت: لعل القائل من معاصريه، ويدعي وجوب زيادة قيد على تعريف استخرجه، والأنسب بهذا أن لا يقدر ما قدره الشارح، بل بجعل قوله: ومن الكراهة في السمع معطوفا على ما في التعريف- أعني من تنافر الحروف- عطف تلقين، ومعنى الكراهة في السمع: أن يتبرأ السمع كما يتبرأ عن سماع الأصوات المنكرة، وإنما يجب اشتراط الفصاحة بالخلوص عنها لأن اللفظ من قبيل الأصوات، والأصوات منها ما يستلذ النفس سماعه، ومنها ما يستكرهه، كذا ذكره الشارح، وفيه نظر؛ لأن اللفظ يجوز أن يكون من الأصوات التي لا يستكرهها أبدا، ويجوز أن يكون نظر المتن هذا المنع، أي لا نسلم أن اللفظ يجري فيه استكراه السمع، ويمكن أن يكون هذا ملخص ما قيل في بيان النظر أن الكراهة في السمع راجعة إلى النغم، فكم من لفظ فصيح يستكره في السمع إذا أدى بنغم غير متناسبة، وكم من لفظ غير فصيح يستلذ إذا أدى بنغم متناسبة، وصوت طيب؛ هذا وما ذكره الشارح في دفعه من دعوى بداهة استكراه جرشي دون النفس غير مسموع، إنما المقطوع به رد السامع أحدهما دون الآخر، مع احتمال أن يكون ذلك الرد لوصمة ثقله على اللسان، وما نقل عنه في حواشي الشرح من قوله:
يعني سلمنا أن للنغم مدخلا في ذلك لكن لا نسلم أنها المرجع، بحيث لا يكون لنفس اللفظ مدخل أصلا مقابلة المنع بالمنع، نحو كراهة الجرشي، كالزمكي # مرادف النفس، في قول أبي الطيب في مدح سيف الدولة أبي الحسن علي:
مخ ۱۶۷