قال المصنف في الإيضاح: ويقرب هذا من قولهم سرج وجهه بالكسر أي حسن، وسرج الله وجهه أي بهجه وحسنه، يريد أن أخذ المسرج من السراج كأخذ سرج منه، فهذا الوجه مرجح لتأيده يتحقق نظير له في كلامهم. وأشكل على الشارح أنه بعد وجود سرج لم لم يجعل المسرج منه حتى لا يحتاج إلى أخذه من السريجي أو من السراج؟ فأجاب بأنه يجوز أن يكون سرج مستحدثا مولدا بعد شعر العجاج، أو يكون مأخوذا لا عن مصدر بل من نفس السراج، فلا يكون من أفعال يشتق منها؛ بل من باب الغرابة كالمسرج، وأن يكون الحكم # بالتخريج المذكور لنقصان في تتبعهم وعدم عثورهم عليه، حتى إن صاحب مجمل اللغة جعله منه بعد عثوره عليه؛ هذا ولك أن تقول التزامهم أحد التخريجين لإيراثهم معنى البيت على الوجهين كابرا عن كابر.
واعلم أن الغرابة مما يتفاوت بالنسبة إلى قوم دون قوم، كالاعتياد الذي يقابلها، فالغريب يقابل المعتاد، فالمراد بالغرابة المخلة بالفصاحة أن يكون غريبا بالنظر إلى الفصحاء كلهم، لا بالنظر إلى العرب كله، فإنه لا يتصور إذ لا أقل من تعارفه عند قوم يتكلمون به، ولكون الغرابة أعم مما يخل بالفصاحة ثبت غريب القرآن والحديث، والوحشي كما يكون بمعنى ما يشتمل على تركيب يتنفر الطبع عنه ، ويقابله العذب، ويجب الخلوص عنه في الفصاحة، لكن الخلوص عن التنافر يستلزمه، كذلك يكون مرادفا للغريب المطلق نقل من الوحشي الذي هو منسوب إلى وحيش يسكن القفار، على ما قالوا، ومن الوحشي الذي هو واحد الوحش الذي يسكن القفار على ما نقول. في القاموس الوحش حيوان البر والجمع وحوش، والواحد وحشي، ولعدم الفرق بين المعنيين اعترض بعض بأن ذكر الوحشي في تعريف الغرابة غير مرضي، بل الوحشية قيد زائد على فصاحة المفرد، يعني بالزائد ما لا فائدة له، وذلك لأنه يغني عنه الخلوص عن التنافر، ومنهم من فهم منه أنه ينبغي أن يزاد في تعريف الفصاحة، ويشترط الخلوص عنها، فاعترض بأنا لا نسلم وجوب زيادته لأن الخلوص عن الغرابة يستلزمه؛ لأن الغرابة أعم من الوحشية والخلوص عن الأعم يستلزم الخلوص عن الأخص.
[والمخالفة]
(والمخالفة)
قد أوضحناها (نحو) مخالفة الأجلل في قوله:
(الحمد لله العلي الأجلل) (¬1).
مخ ۱۶۶