199

فإن قلت: فى كون وصف إليه بالواحد للبيان نظر، بل هو يشبه أن يكون وصفا للتخصيص، إنما يكون للتأكيد لو كان تنوين إله نصا فى الوحدة، وليس كذلك لاحتماله التعظيم والتكثير فوصفه بالواحد كوصف زيد بالتاجر لرفع الاحتمال. قلت: سبق قوله: لا تتخذوا إلهين اثنين بجعل تنوين إله للوحدة وبعد فيه بحث؛ لأن وصف إليه ليس بالواحد الذى يشتمل عليه الإله؛ لأنه بمعنى الوحدة الفردية التى تجعل الجنس فردا منتشرا وهذه الوحدة بمعنى نفى الشركة، ولولاه لكان معنى إنما هو إله واحد إنما الله فرد من الإله فلا يفيد توحيدا بل لا يكون كلاما مفيدا ولعلك لا يلتبس عليك الوصف للبيان بالبيان كما لا يلتبس الوصف للتأكيد بالتأكيد، فإن البيان الإيضاح نفس المتبوع، وذلك الوصف لبيان معنى فيه هو مناط القصد إليه ولا تظنن أنه التبس على السكاكى ذلك الرجل حيث أورده فى البيان، فإنه ذكره نظيرا للبيان لا مثالا له وله فى كتابه غير نظير ولقد تفطن لذلك المعنى المصنف بذكره فى الإيضاح هناك ولم يرد إيراده فى عطف البيان عليه وجعل صاحب المفتاح قوله تعالى: وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم (¬1) من هذا القبيل، وقال ذكر فى الأرض مع دابة، ويطير بجناحيه مع طائر لبيان أن القصد من اللفظين إلى الجنسين وإلى تقريرهما هذا المعنى لدفع توهم أن يراد بهما ما هو أخص منهما كما فى جمع الأمير الصاغة فيكون زيادة من لاستغراق بعض أفرادهما لا لاستغراق الجمع وهذا مدار ما ذكره صاحب الكشاف أن معنى وصفهما بهذين الوصفين زيادة التعميم والإحاطة (¬2) كأنه قيل: وما من دابة فى جميع الأرضين السبع ولا طائر يطير فى جو السماء من جميع ما يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم محفوظة أحوالها غير مهملة أمورها إذ لولا تقرير إرادة الجنس بعمومه لم تفد كلمة «من» استغراق جميع أفراد الجنس، فتوهم المصنف أن كلا من السكاكى والزمخشرى يوجه الآية # بتوجيه ساقط والأمر كما ذكره الشارح المحقق من وحدة التوجيهين، وما ذكره السيد السند من أنه إذا أريد بهما نفس الجنسين لا معنى لزيادة التعميم؛ لأن الجنس مفهوم واحد لا يجرى فيه التعميم، والتخصيص لا يتم؛ لأن التعميم فى أفراد الجنس بإرادة الجنس باللفظ لا بإرادة الجنس فى مقام الحكم يرشدك إليه قوله: إن الوصف لبيان القصد من اللفظ إلى الجنس، وما ذكره من أن حمل أمم يحتاج إلى اعتبار ما ذكر واحدا واحدا على سبيل الإجتماع فى توجيه الكشاف دون المفتاح؛ إذ لا كلفة فى حمل الأمم على الجنس يتجه عليه أن «من» الاستغراقية جعل الجنس فى ضمن كل واحد إلا أن يتكلف ويقال: كلمة «من» فى الحقيقة لم تدخل عليهما بل على أعم منهما كأنه قيل: ما من واحد من هذين الجنسين، ولا يخفى بعده عن السوق؛ بقي أن القصد لا يصح أن يكون إلى الجنس على قدر ما يفيد عمومه الوصف لوجوب خروج المشبه به عنه، إلا أن يقال: القصد إلى العام والمشبه به مستثنى عنهم بقرينة التشبيه، كأنه قيل: ما من واحد من أفراد هذين الجنسين بعمومهما سواكم إلا أمم أمثالكم، ومما ينبغى أن لا يهمل بيانه ولا يمهل ولا يفصل بتفصيل أجمل: وصف النكرة بالجمل فنقول: أولا اشتراط أن يكون الموصوف بالجملة نكرة: حقيقة أو حكما كالمعرف بلام العهد الذهنى.

مخ ۳۴۱