إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
خپرندوی
مؤسسة الرسالة
د ایډیشن شمېره
الطبعة الثالثة
د چاپ کال
١٤٢٣هـ ٢٠٠٢م
ژانرونه
قال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع.
ــ
قوله: أن النبي ﷺ قال: "لا رُقية إلاَّ من عين أو ُحمة" لا رُقية يعني: أنفع وأشفى إلاَّ من عين، أي: إصابة العين بسبب الحسد الذي يكون في بعض الناس، إذا نظر إلى الأشياء أصيبت على أثر نظرته، لأن نظره مسموم، وهذا من عجائب- خلق الله ﷾ وقدرته، أنه يجعل بعض الأنظار مسمومة، إذا نظر صاحبها إلى شخص، أو إلى حيوان، أو إلى شيء، أصيب بإذن الله ﷿، والعين حق- كما في الحديث، قال ﷺ: "العين حق، ولو أن شيئًا سبق القدر لسبقته العين"، هذا في الصحيح، وقد أصيب رجل في عهد النبي ﷺ فطلب النبي ﷺ من الذي عانه، أن يغتسل، ثم أخذت غُسالته وصبّت على المصاب، فشُفي بإذن الله، وقال: "العين حق، وإن استغسلتم فاغسلوا"، هذا هو علاجها، أنه يَأمر العائن أن يغتسل، ويغسل بواطن إزاره، ثم تُصَب هذه الغُسالة على المصاب، فيُشفى- بإذن الله-، كما فعل النبي ﷺ وكذلك مِن علاجها: الرُّقية، بأن يُقرأ على المصاب بالعين، فاتحة الكتاب، والمعوّذتان.
وقوله: "أو حُمَة" الحُمَة هي: اللَّدْغة من ذوات السّموم، وهذا محل الشاهد من الحديث لما فعله حصين ﵀.
ثم قوله: "لا رُقية إلاَّ من عين أو حُمَة" قال العلماء: هذا من باب التأكيد، لا من باب الحَصْر، فالرُّقية تنفع من غير العين والحُمَة أيضًا ومن سائر الأمراض، ولكن أنفع ما يُشفى بالرُّقية هذان المرضان: العين والحُمَة، وإلاّ فإن الرّقية تنفع - أيضًا- من جميع الأمراض- بإذن الله-، فهذا من باب الحصر النِّسبي والتأكيد، كما قال ﷺ: "لا ربا إلاَّ في النّسيئة"، مع أن هناك ربا الفضل، فمعنى الحديث: "لا ربا إلاَّ في النسيئة" يعني: لا ربا أعظم وأشد من ربا النسيئة، فهو أشد من ربا الفضل، لأنه ربا الجاهلية، فليس هذا من باب الحَصْر، وإنما هو حَصْر إضافي.
ولما أتى حُصين بن عبد الرحمن بالدليل على ما فعل، قال له سعيد بن جبير ﵀: "قد أحسن من انتهى إلى ما سمع" أثنى عليه، وصوّبه على هذا الفعل، ء وأنه عَمِل عملًا جائزًا ومباحًا، واستدل بدليل صحيح عن النبي ﷺ، فتأدّب سعيد مع الحديث، ولم يكن مثل بعض الجهّال الذين إذا بلغهم الحديث وهو لا يوافق
1 / 84