إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

صالح فوزان d. 1450 AH
79

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

خپرندوی

مؤسسة الرسالة

د ایډیشن شمېره

الطبعة الثالثة

د چاپ کال

١٤٢٣هـ ٢٠٠٢م

ژانرونه

قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي. قال: وما حدثكم؟ قلت: حدثنا عن بريدة بن الحصيب أنه قال: لا رُقية إلاَّ من عين أو حُمَة. ــ وقوله: (ارْتَقَيت) يعني: طلبت من يَرْقِينِي بالقرآن، والرُّقية معناها: أن يُقرأ على المصاب بالمرض أو باللَّدْغ من القرآن والأدعية، ويُنْفَث على موضع الإصابة وموضع الألم. وهذا من أنفع العلاج إذا صدر عن يقين من الرّاقي ويقين من المَرْقي، لأن الله ﷾ أنزل هذا القرآن شفاءً للأمراض المعنويّة: أمراض الشِّرك، والنفاق، والمعاصي، والأمراض الحسيّة: أمراض الأجساد، لأنه كلام رب العالمين ﷾، قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا﴾ فالرُّقية مشروعة، وقد رَقَى النبي ﷺ ورُقي- ﵊، رَقَاه جبريل لما أصابه السحر، ورَقَى ﷺ بعض أصحابه، فالرُّقية بالكتاب والأدعية أمر مشروع. قوله: "قال: فما حملك على هذا؟ " هذا فيه أن السلف يطلبون الدليل على ما يفعلون وما يقولون، وفيه طلب الدليل على المذهب والاجتهاد. فمن قال بمسألة من المسائل، أو فعل فعلًا، فإنه يطلب منه الدليل على جوازه، أو على مشروعيّته من الكتاب والسنّة. هذا أدب السلف- ﵏ أنهم لا يُقْدِمون على شيء إلاَّ بدليل من كتاب الله وسنّة رسوله ﷺ خصوصًا في أمور العلاج، لأن النفوس تتشبث بأي شيء لطلب الشفاء، حتى ولو كان غير مشروع. فسعيد بن جُبير ﵁ خَشِي من هذا الأمر. فهذا فيه أن العلاج لا يكون إلاَّ بما دل عليه دليل من كتاب الله وسنّة رسوله، أما الذهاب إلى المشعوذين والدجّالين والسَّحرة والكَذَبة فهو محرّم، وقد يكون شركًا أكبر يُخرج صاحبه من الملّة؛ إذا ذبح لغير الله، أو دعا غير الله، أو استغاث بالجن أو الشياطين، فإنه يخرج من الملّة، ولو فرضنا أنه شُفي، ماذا ينفعه إذا ذهبت عقيدته وصحّ جسمه، هذا أمر وباب خطير جدًّا، ويجب التحرُّز منه. وقوله: "قلت: حديث حدثنيه الشَّعْبي" يعني: هذا دليلي على ما فعلت، والشعبي هو: عامر بن شُرَاحيل، الإمام الجليل من أئمة التابعين. "قال: وما حدثكم؟ قلت: حدثنا عن بُريدة بن الحُصيب" بُريدة بن الحُصيب الأسلمي، من صحابة رسول الله ﷺ، فهذا التابعي- الذي هو الشَّعْبي- يروي عن هذا الصحابي.

1 / 83