إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
خپرندوی
مؤسسة الرسالة
د ایډیشن شمېره
الطبعة الثالثة
د چاپ کال
١٤٢٣هـ ٢٠٠٢م
ژانرونه
أَحَقُّ بِالأَمْنِ﴾ أنا أو أنتم؟، ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، فَصَل الله الحكم بينهم فقال:
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)﴾ هذا هو الحكم الإلهي، ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾، وهذا عام في قوم إبراهيم، وغيرهم من الخلق، يعني: الذين وحّدوا الله، وأخلصوا له العبادة، ﴿وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ المراد بالظلم هنا: الشرك، لأن الظلم- كما بيّن أهل العلم- ثلاثة أنواع:
النوع الأول: وهو أعظمها-: ظلم الشرك، قال- تعالى-: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ لماذا سُمي الشرك ظلمًا؟ لأن الظلم في الأصل: وضع الشيء في غير موضعه، والشرك معناه: وضع العبادة في غير موضعها، وهذا أعظم الظلم، لأنهم لما وضعوا العبادة في غير موضعها، أعطوها لغير مستحقها، وسوَّوْ المخلوق بالخالق، سوَّوْ الضعيف بالقوي الذي لا يُعجزه شيء، وهل بعد هذا ظلم؟
والنوع الثاني: ظلم العبد نفسه بالمعاصي، فالعاصي إنما ظلم نفسه، لأنه عرّض نفسه للعقوبة، وكان الواجب عليه أن يُنقذ نفسه، وأن يضعها في موضعها اللائق بها، وهو الطاعة، والكرامة ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ .
النوع الثالث: ظلم العبد للناس: بأخذ أموالهم، أو غيبتهم، أو نميمتهم، أو سرقة أموالهم، أو التعدي عليهم في أعراضهم بالغيبة والنميمة والقذف والهمز واللمز وغير ذلك من التنقُّص، أو في دمائهم بقتل الأبرياء بغير حق، أو بالضرب والجرح والإهانة بغير حق، فهذا تعدِّ على الناس.
هذه هي أنواع الظلم: ظلم الشرك؛ وهذا أعظم أنواعه، وظلم العبد نفسه، وظلم العبد لغيره من المخلوقين.
أما النوع الأول وهو: ظلم الشرك، فهذا لا يغفره الله أبدًا إلاَّ بالتوبة ﴿إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ .
وأما النوع الثالث وهو: ظلم العبد للناس، فهذا لا يترك الله منه شيئًا، لابد من القصاص، إلاَّ أن يسمح المظلومون، جاء في الحديث: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها
1 / 57