إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
خپرندوی
مؤسسة الرسالة
د ایډیشن شمېره
الطبعة الثالثة
د چاپ کال
١٤٢٣هـ ٢٠٠٢م
ژانرونه
الآفِلِينَ﴾ لأنه لو كان ربًّا ما عرض له هذا العارض وهذا الزوال بعد الوجود، ﴿فَلَمَّا رَأى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي﴾ يتدرج شيئًا فشيئًا، ﴿فَلَمَّا أَفَلَ﴾ يعني: غاب وانتقل، صار هذا القمر يُتصرّف فيه، ويُديّر، مثل النجم الذي قبله، يُسَيَّرْ من المطلع إلى المغرب، فهو ليس برب إذًا، ﴿قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (٧٧) فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً﴾ تدرج إلى أكبر الكواكب هي الشمس، وإذا بطلت عبادة الشمس بطلت عبادة بقية الكواكب من باب أولى، ﴿إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾ الآن صرّح بالتّوحيد، وبين بطلان عبادة هذه الكواكب التي يعبدونها، تقرّر عقلًا وشرعًا وفطرة أنها ليست بآلهة، وأعلن البراءة، وهي الهجر والترك والابتعاد عنه، ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ﴾ هذا هو الرب ﷾ الذي فطر السموات والأرض، يعني: خلقهما وأبدعهما على غير مثال سابق، فالخالق هو الذي يستحق العبادة، أما الكواكب فهي مخلوقة، والمخلوق لا يستحق العبادة، مدبَّرة ليس لها في نفسها تدبير فكيف بغيرها؟، ﴿حَنِيفًا﴾ الحنيف معناه: المقبل على الله، المعرض عما سواه، يعني: لا ألتفت إلى غيره ﷾، ﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ هذه براءة أيضًا، لما تبرّأ من الأصنام تبرّأ من أصحابها، ﴿وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ﴾ ناظروه على ترك هذه الدعوة، وأن يسلك مسلك الناس، ويمشي مع الناس، حتى أبوه وقف في وجهه، كما ذكر الله ذلك في سورة مريم، فإن أباه وقف منه موقف المُعادي ﴿قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (٤٦)﴾، أفحمهم بالحجة ﴿وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ﴾ لأنهم توعدوه بأصنامهم، ﴿إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا﴾ كيف تهدِّدونني بآلهتكم وأنتم لا تخافون الله الذي خلق السموات والأرض وجعلتم معه شريكًا؟، إن كان هناك تهديد أو وعيد فهو عليكم أنتم، ﴿وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ﴾ ما تهمني أصنامكم ولا وعيدكم، لأني متوكل على الله ﷾ ﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ﴾ إذا كنتم تهدّدون بالوعيد والتخويف، وأنا أخوّفكم بالله ﷿، وأبيّن لكم أنكم إن لم تتوبوا إليه فسيعذبكم، فـ ﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ
1 / 56