اسرار قصور
أسرار القصور: سياسية، تاريخية، غرامية، أدبية
ژانرونه
ومنذ تولت السلطانة مهرى على فؤاد السلطان عبد العزيز زادت مصاريف الدولة وتجاوزت ميزانيتها الحد، وحاول عبثا كل من فؤاد وعالي ومدحت إقناع السلطان بالعدول عن ذلك البذخ المفرط والإسراف الزائد، والالتفات إلى حاجات الدولة، ومعدات الجند، وأهبة الحرب، فكانوا كمن ينفخ في رماد أو يصرخ في بطن واد، فإن أقل لفظة من إحدى محظيات السلطان كانت كافية لإنفاق القناطير المقنطرة من الأموال. ورغبت مهرى في تشييد قصر جديد يزري في بهائه وفخامته بسراي جراغان، وقد أرادت بذلك أن تبرهن أن السلطانة الجديدة لا تقل قيمة عن السلطانات اللائي تقدمنها، وأنها هي الآمرة المطاعة، وسعت والدة السلطان، فنجحت بإبعاد من عرف بانتمائه إلى حزب المصلحين والأحرار، وأبدلتهم برجال الحزب القديم المشهور بتعصبه وجهله ، وهكذا أقصي من الوظائف جميع من كان من حزب تركيا الفتاة، وكان واضعا جل آماله في الوزراء الثلاثة المذكورين، ولكن المنية داهمت لسوء بختهم فؤادا وعاليا، فخسروا وخسرت الدولة بهم أعظم وزرائها وأقوى مساعديها.
ولما زارت الإمبراطورة أوجيني حرم السلطان في جراغان ارتدت مهرى ثوبا مزركشا باللآلئ والجواهر ما تبلغ قيمته ستة ملايين حتى كانت تبهر الأنظار، وكانت نساؤها وجواريها كذلك تتلألأ بالحجارة الكريمة، كأن اللباس الظاهر يغشي ما هن عليه من العبودية، مع أنك لو سألت أية امرأة أوروبية لفضلت الحرية على جميع زخرف الشرق وبهائه، كأن الشاعر الهونكاري عبر عنهن بقوله: شيئان في هذه الأرض يحبباني بالحياة: الحرية والحب، أفدي حبي بحياتي، ولكن أضحيه من أجل حريتي. (وهذا هو الأصل الفرنسي):
Deux choses lei-has me font aimer le jour:
La liberté, l’amour
vie,
Mais pour la liberté je donnerai l’amour.
وقد ترجمها أحد الشعراء العصريين؛ صديقنا الدكتور جورج أفندي صوايا، فأجاد حيث قال:
شيئان في الدنيا هما قد حببا
لي ذي الحياة: الحب والحرية
أفدي حياتي دون حبي إنما
ناپیژندل شوی مخ