اسلحه نووۍ: مقدمه لنډه جدا
الأسلحة النووية: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
كانت جهود برنارد باروخ غير المكللة بالنجاح التي هدفت إلى التعامل مع الأسلحة النووية مع تدشين لجنة الأمم المتحدة للطاقة الذرية في يونيو 1946 (والتي ناقشناها في الفصل الثالث) بداية لما صار لاحقا مئات - إن لم يكن آلاف - المناقشات ثنائية الأطراف ومتعددة الأطراف بشأن إجراءات الحد من التسلح على امتداد أربعة عقود تالية. إن إصرار واشنطن المتواصل منذ ذلك الوقت على إجراء عمليات التفتيش التدخلي من أجل التحقق من الالتزام بالمعاهدات - وهو ما رأته موسكو بوصفه عملية تجسس رسمية - لعب دورا بارزا في وصول المساعي المستقبلية للحد من التسلح إلى طريق مسدود. وقد ذهب بعض المنتقدين - ولهم مبرراتهم المعقولة في ذلك - إلى أن قضايا التحقق من الالتزام بالمعاهدات احتلت مكانة أكبر مما ينبغي في مفاوضات الحد من التسلح، كما ذهبوا إلى أن مطالب الولايات المتحدة كانت مصممة عن عمد بحيث إما تعيق تقدم هذه المفاوضات أو تحسن فرصها كثيرا في جمع معلومات عامة إذا تم الموافقة عليها.
تحولت أنشطة الحد من التسلح صوب أهداف فنية أكثر محدودية في عقد الخمسينيات، وذلك مع إثارة الغبار الذري المشع المتساقط بفعل التجارب النووية في الغلاف الجوي جهودا عالمية هادفة لوقف هذه التجارب. وقد طلب الرئيس أيزنهاور من الخبراء الفنيين أن يطوروا نظاما للتحقق، وهي خطوة كان لها نتائج غير متوقعة بعيدة المدى؛ نظرا لأن الخبراء عادة ما يعقدون القضايا التي يعملون عليها حتى تصير مستعصية على الحل. وبعد أن طور الخبراء سبلا للتمييز بين الزلازل وبين جميع أنواع التفجيرات النووية التي تتم تحت الأرض تقريبا، واصلوا عملهم سعيا لتقليل نسبة الخطأ المنخفضة بالفعل. وقد صار من المستحيل التفاوض على حظر شامل للتجارب النووية؛ لأن المنتقدين ذهبوا إلى أنه ليس بوسع المرء أن يكون واثقا ثقة تامة من عدم حدوث أي خرق. وفي واقع الأمر تسبب هذا التأكيد المبالغ فيه على التفاصيل الفنية في جعل مسألة التحقق من حظر التجارب أكثر صعوبة على نحو متزايد؛ لأن نظام التحقق الذي طالب به السياسيون الأمريكيون شديدو التركيز على الأنشطة الزلزالية - التي تتسبب فيها التجارب النووية - كان في نظر السوفييت شديد التدخل لدرجة لا يمكن قبولها.
بينما نجح أيزنهاور في الحصول على وقف مؤقت للتجارب النووية وحسب، دخل كينيدي فترته الرئاسية وهو عازم على التفاوض حول حظر شامل للتجارب النووية. وحين ذهب السفير دبليو أفريل هاريمان في يوليو 1963 إلى موسكو لإتمام حظر التجارب النووية - وهو ما جاء كأحد النتائج المترتبة على حل أزمة الصواريخ الكوبية - اصطحب معه مستشاريه العلميين، بيد أنه تعمد إقصاءهم عن فريق التفاوض، مؤكدا أن مفاوضات الحد من التسلح هي بالأساس شأن سياسي. وكما أوضح في وقت لاحق، فإن «دور الخبير أن يوضح كل الصعوبات والمخاطر ... لكن دور الزعماء السياسيين أن يقرروا ما إذا كان من الممكن للمكاسب السياسية والنفسية وغيرها أن توازن هذه المخاطر حال وجودها.» لكن بحلول ذلك الوقت كان من المؤكد أن إتمام معاهدة شاملة كهذه أمر بعيد المنال. فبالإضافة إلى تعذر حصول مثل هذه المعاهدة الشاملة على موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي، كثيرا ما كرر خروشوف اعتراضاته على ما تقتضيه هذه المعاهدة من عمليات تفتيش داخل مواقع التجارب النووية؛ إذ لم يكن الاتحاد السوفييتي ليقدم على «فتح أبوابه لجواسيس حلف شمال الأطلسي».
إلا أن خروشوف أشار إلى أنه مستعد لعقد معاهدة محدودة - أو جزئية - لحظر التجارب النووية. وبناء عليه، وبعد عشرة أيام من المفاوضات الشاقة التي تابعها وأشرف عليها الرئيس كينيدي بنفسه، تم التوقيع بالأحرف الأولى على «معاهدة حظر تجارب الأسلحة النووية في الجو وفي الفضاء الخارجي وتحت سطح الماء» - ما يعرف بمعاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية - في موسكو من جانب رئيسي فريقي التفاوض، وذلك في الخامس والعشرين من يوليو 1963.
حين حقق الاتحاد السوفييتي تكافؤا تقريبيا في الأسلحة الاستراتيجية في أواخر الستينيات، دعا صقور الحرب الباردة الأمريكيون واشنطن إلى بذل جهود مكثفة من أجل تحقيق التفوق العسكري. في الوقت ذاته، ذهب مناصرو الحد من التسلح - سواء الموجودون داخل الإدارة الأمريكية أو خارجها - إلى أن القيود التي تم التفاوض عليها بشأن سباق التسلح كان من المرجح أن تؤدي إلى الأمن على المدى الطويل أكثر مما سيكون عليه الحال لو جاهد كل طرف من أجل الحصول على مزية عسكرية مؤقتة. وقد أكد الفيزيائي والدبلوماسي هربرت يورك على ذلك قائلا إن «المشكلة التي طرحتها معضلة الزيادة المطردة في القوة العسكرية والنقصان المطرد في الأمن القومي لكلا الطرفين ليس لها حل فني» بل الأمر بحاجة إلى حل سياسي.
تحدث نيكسون في خطابه الافتتاحي الذي ألقاه عام 1969 عن «عصر جديد من المفاوضات» تسعى فيه الدول كافة - خاصة القوى العظمى - «إلى تقليل عبء التسلح» وفي الوقت ذاته إلى تجديد «هيكل السلام». ورأى نيكسون أن هذا يمكن تحقيقه من خلال برنامج «للتواصل» أو الوفاق. وقد كان هو ومستشار الأمن القومي في إدارته، هنري كيسنجر، مستعدين للمضي إلى أبعد مما مضت إليه الإدارة السابقة في مناقشة الحد من الأسلحة الاستراتيجية وقضايا التجارة مع الاتحاد السوفييتي، لكنهما انتظرا من الكرملين أن يتعامل بالمثل عن طريق المساعدة في حل الصراعات القائمة في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا.
وفي نوفمبر 1969 بدأ وفدا القوتين العظميين محادثات ثنائية بشأن الحد من منظومات التسلح الاستراتيجية الدفاعية والهجومية، وتحديدا الصواريخ البالستية العابرة للقارات والصواريخ البالستية المطلقة من الغواصات. استمرت هذه المفاوضات - على نحو متقطع - وأسفرت عن معاهدتين للحد من الأسلحة الاستراتيجية (سولت 1 و2)، واتفاق الحد من الصواريخ النووية فوق متوسطة المدى (وهي المعاهدة الوحيدة التي قللت فعليا من عدد الأسلحة النووية الهجومية خلال الحرب الباردة)، ومحادثات تخفيض الأسلحة الاستراتيجية (ستارت 1) التي اختتمت أخيرا في عام 1991.
تكونت اتفاقات معاهدة سولت 1 التي وقعت في مايو 1972 من «معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية»، التي فرضت على كل طرف الاكتفاء بموقعين فقط، و«اتفاق مؤقت» (1972-1977) بشأن المنظومات الاستراتيجية، واتفاق سياسي على «المبادئ الأساسية». كانت الحدود التي فرضها الاتفاق المؤقت على المنظومات الاستراتيجية في الواقع أعلى مما هو موجود وقتها في كلتا الدولتين، بيد أنه وضع سقفا على النشر المستقبلي لهذه المنظومات. بغرض التغلب على منظومات الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية، كانت الولايات المتحدة قد طورت في العام 1967 الناقلات العائدة ذات الرءوس المتعددة فردية التوجيه، وهذه التقنية كانت تسمح بتحميل رءوس حربية متعددة على صاروخ واحد، بحيث يكون كل رأس منها قادرا على ضرب هدف مختلف. كان بمقدور الوفدين أن يتفقا على وقف برامج الناقلات العائدة ذات الرءوس المتعددة فردية التوجيه خلال مباحثات سولت 1، لكن البنتاجون وبعض المعارضين بالكونجرس حذروا كيسنجر من «العودة باتفاق يحظر الناقلات المتعددة». بعدها بثلاث سنوات، حين نشرت موسكو عددا معتبرا من الناقلات المتعددة الخاصة بها، دفع البنتاجون ثمن إصراره قصير النظر على امتلاك أفضلية وقتية؛ ذلك أن نشر الناقلات المتعددة جعل الضربات الاستباقية أكثر احتمالا لتحقيق نتائج واعدة في مواقف الأزمات؛ لأن الصواريخ البالستية العابرة للقارات المملوكة لكل طرف صارت عرضة للخطر.
وقع الكرملين بالأحرف الأولى على اتفاق «المبادئ الرئيسية للعلاقات»، ورغم أن هذا الاتفاق تعرض للتجاهل من طرف القيادة الأمريكية فإن المسئولين السوفييت اعتبروه «إعلانا سياسيا مهما». وقد كانوا يأملون أن يكون هذا الاتفاق - كما يذكر دوبرينين - أساسا ل «عملية سياسية جديدة من الوفاق في العلاقات»؛ لأنه كان يقر بالعقيدة السوفييتية المعنية بالتعايش السلمي ويعترف ب «مبدأ المساواة بوصفه أساسا لأمن كلا البلدين». آمنت موسكو أن القوتين العظميين يمكنهما التعاون في حل خلافاتهما الأساسية رغم وجود مشكلات «صغيرة» في العالم الثالث، لكن الولايات المتحدة رأت أن الوفاق يعني أن على الاتحاد السوفييتي والصين وكوبا أن يلتزموا بسياسة «كف الأيدي» في العالم الثالث. لكن الفشل في رسم حدود الوفاق وفي الحصول على قبول عام على الفكرة أدى إلى وأد الفكرة. وقد عارض صقور الإدارة الأمريكية بقوة أي محاولات لتحسين العلاقات مع الاتحاد السوفييتي.
اتفق الرئيس الأمريكي جيرالد فورد والزعيم السوفييتي ليونيد بريجينيف «من حيث المبدأ» في فلاديفوستوك في نوفمبر 1974 على أن تقتصر كل دولة على ما مجموعه 2400 من الصواريخ البالستية العابرة للقارات والصواريخ البالستية المطلقة من الغواصات والقاذفات طويلة المدى، على أن يملك 1320 من هذه الصواريخ رءوسا حربية متعددة، لكنهما لم يتما معاهدة سولت 2. ثم في أبريل 1979 - وبعد التعثر في المفاوضات في البداية - وافق الرئيس جيمي كارتر أخيرا على معاهدة سولت 2 البالغ طولها 78 صفحة، والتي اقتربت بشدة مما أطلق عليه مبادئ فلاديفوستوك، لكنها أيضا حدت من الصواريخ الجوالة «جو- أرض»، وشملت قائمة ممتدة من القيود النوعية. بيد أن كارتر فشل في حمل مجلس الشيوخ الأمريكي على التصديق على المعاهدة.
ناپیژندل شوی مخ