لهم، وردِّه عليهم" (^١).
وبمقتل عثمان ﵁ انقسم المسلمون، ووقع القتال بين الصّحابة، وانتشرت الفتن والأهواء، وكَثُر الاختلاف، وتشعَّبت الآراء، ودارت المعارك الطاحنة في عهد الصّحابة ﵃، وكان النّبيّ ﷺ يعلم ما سيقع من الفتن في زمنهم؛ فإنّه أشرف على أطم (^٢) من آطام المدينة، فقال: "هل ترونَ ما أرى؟ قالوا: لا. قال: فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكُم كوقع القطر" (^٣).
قال النووي: "والتشبيه بمواقع القطر في الكثرة والعموم؛ أي: أنّها كثير، تعمُّ النَّاس، لا تختصُّ بها طائفةٌ، وهذا إشارةٌ إلى الحروب الجارية بينهم؛ كوقعة الجمل، وصفِّين، والحرَّة، ومقتل عثمان والحسين ﵄ ... وغير ذلك، وفيه معجزة ظاهرة له ﷺ " (^٤).
ج - موقعة الجمل:
ومن الفتن الّتي وقعت بعد قتل عثمان ﵁ ما وقع في معركة الجمل المشهورة بين علي ﵁ وعائشة وطلحة والزُّبير ﵃؛ فإنّه لما قُتِل عثمان؛ أتى النَّاس عليًّا وهو في المدينة، فقالوا له:
(^١) انظر: "فتح الباري" (١٣/ ٥١).
(^٢) (أُطم)؛ بالضم: بناء مرتفع، وجمعه: آطام، وهي الأبنية المرتفعة؛ كالحصون.
انظر: "النهاية" (١/ ٥٤) لابن الأثير.
(^٣) "صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، (١٨/ ٧ - مع شرح النووي).
(^٤) "شرح النووي لمسلم" (١٨/ ٨).