الاربعون حديثا :78
فصل:في بيان ان حب النفس اساس العجب
اعلم ان رذيلة العجب تنشأ من حب النفس ، لان الانسان مفطور على حب الذات ، فيكون اساس جميع الاخطاء والمعماصي الانسانية والرذائل الاخلاقية ، حب النفس . ولهذا فان الانسان يرى اعماله الصغيرة كبيرة ، وبذلك يرى نفسه من الصالحين ومن خاصة الله ويرى نفسه مستحقا للثناء ، ومستوجبا للمدح على تلك الاعمال الحقيرة التافهة ، بل ويحدث احيانا ان تلوح لنظره قبائح اعماله حسنة واذا ما راى من غيره اعمالا افضل واعظم من اعماله فلا يعيرها اهمية ، ويصف اعمال الناس الصالحة بالقبح ، واعماله السيئة القبيحة بالحسنة ، يسيء الظن بخلق الله ولكن يحسن الظن بنفسه ، وبسبب حبه لنفسه يرى بعمله الصغير الممزوج بآلاف القذارات المبعدة عن الله ، ان الله مدين له وانه يستوجب منه الرحمة .
فلنفكر الآن قليلا في اعمالنا الصالحة ولنحكم العقل قليلا في الافعال العبادية الصادرة عنا ، ولننظر اليها بعين الانصاف ، لنرى هل اننا نستحق بها المدح والثناء والثواب والرحمة ، او اننا جديرون باللوم والعتاب والغضب والنقمة ؟ واذا ما احرقنا الله بسبب هذه الاعمال ، التي نراها حسنة ، بنار القهر والغضب ألا يكون ذلك عدلا ؟ ...
اني احكمكم في هذا السؤال الذي اطرحه ، واريد منكم الجواب عليه بانصاف بعد إعمال الفكر والتامل . والسؤال هو انه اذا اخبركم الرسول الاكرم صلوات الله عليه وآله ، وهو الصادق المصدق ، انكم اذا عبدتم الله طوال عمركم واطعتم اوامره وتركتم شهوات النفس ورغباتها ، او تركتم عبادته وعملتم على خلاف توجيهاته سبحانه وتعالى وعلى اساس رغبات النفس وشهواتها طيلة حياتكم واذا اخبركم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بانكم سيان في كلتا الحالتين لن تختلف درجاتكم في الآخرة . انكم على كل حال الناجون وستذهبون الى الجنة وتامنون من العذاب ، فلا فرق : حسب الفرض بين ان تصلوا او تزنوا ، ولكن مع ذلك يكون رضا الله تعالى في عبادته والثناء عليه وحمده ، والابتعاد عن الشهوات والرغبات النفسانية في هذا العالم ، مع عدم الاثابة على الطاعة . فهل كنتم تصبحون من اهل المعصية او من اهل العبادة ؟ هل كنتم تتركون الشهوات وتحرمون على انفسكم اللذات النفسانية من اجل رضا الله تعالى والرغبة فيه ، او لا ؟ هل كنتم باقين من المتوسلين اليه تعالى بالمستحبات والجمعة والجماعات ؟ او كنتم تغرقون في الشهوات وتلازمون اللهو واللعب والملاهي وغير ذلك ؟ اجيبوا بانصاف ودون تظاهر ورياء . انني اعلن عن نفسي وعمن هو على شاكلتي بانا نصبح من اهل المعصية ونترك الطاعات ونعمل بالشهوات النفسانية .
مخ ۷۸