الباطن يقصد الرياء ، وكلتا الصورتين يشملهما الرياء ، لان الاتيان بالواجبات والمستحبات ، بغير قصد الرياء لا يستوجب الغضب ، بل يمكن القول ان المعنى الثاني افضل لان التجاهر بالاعمال القبيحة اشد ، وعلى كل حال ؛ لا سمح الله ان يكون مالك الملوك وارحم الراحمين غاضبا على الانسان «اعوذ بالله من غضب الحليم» .
فصل:في بيان حديث علوي
نختم هذا المقام بحديث شريف روي في كتاب (الكافي) عن امير المؤمنين عليه السلام ونقل الشيخ الصدوق رضوان الله عليه مثل هذا الحديث عن الامام الصادق عليه السلام وهو من جملة وصايا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لامير المؤمنين عليه السلام وهو هذا :
باسناده ؛ عن ابي عبد الله قال : قال امير المؤمنين عليه السلام : «ثلاث علامات للمرائي ينشط اذا راى الناس ويكسل اذا كان وحده ، ويحب ان يحمد في جميع اموره» (1) .
ولما كانت هذه السيئة الرياء الخبيثة شديدة الخفاء ، غابت حتى عن الانسان نفسه بحيث يكون في الباطن من اهل الرياء وهو يتوهم عمله خالصا ، ولهذا ذكروا لها علامة ، وبواسطة تلك العلامة يطلع الانسان على سريرته ، وينهض لمعالجتها . وهذه العلامة هي ان الانسان يشاهد في نفسه عزوفا عن الطاعات عندما يكون وحده ، واذا تعبد فمع كلفة او من منطلق العادة من دون اقبال وتوجه ، بل ياتي بالعبادة مقطعة الاوصال من غير كمال وتمام ، ولكن عندما يحضر في المساجد والمجامع ، وفي المحافل العامة يؤدي تلك العبادة في الظاهر بنشاط وسرور وحضور قلب ويميل الى اطالة الركوع والسجود ، ويؤدي المستحبات اداء حسنا مع توفير كافة اجزائها وشروطها .
ان الانسان اذا كان منتبها بعض الشيء ، ليسال نفسه عن سبب مثل هذا التصرف ؟ ولماذا تنصب شباكها باسم التقدس ؟ لموهت على الانسان وقالت : بما ان العبادة في المسجد اعظم ثوابا او ان في صلاة الجماعة كذا من الثواب ، يشتد النشاط . اما اذا صليت منفردا وفي غير المسجد ، فيكون الاهتمام من اجل انه : «يستحب اداء العمل امام الناس بصورة حسنة لكي يقتدي به الآخرون ويرغبون في الدين» . انها النفس تخدع الانسان باية وسيلة كانت ، ولهذا لا يفكر في العلاج . وان المريض الذي يعتقد نفسه سالما ، لا يؤمل له الشفاء . ان هذا الشقي يرغب في باطن ذاته ولب سريرته ان يظهر عمله للناس وهو غافل عن ان ذلك بدافع من الاربعون حديثا :64
مخ ۶۳