القلب مسلما ، فلن يبقى عنده بعدها باس او خوف من الميت .
اذا ؛ اصبح معلوما ان التسليم هو من حظ القلب غير العلم وهو من حظ العقل .
من الممكن ان يبرهن انسان بالدليل العقلي ، على وجود الخالق تعالى والتوحيد والمعاد وباقي العقائد الحقة ، ولكن هذه العقائد لا تسمى ايمانا ، ولا تجعل الانسان مؤمنا ، وانما هو من جملة الكفار او المنافقين او المشركين . فاليوم العيون مغشاة ، والبصيرة الملكوتية غير موجودة ، والعين الملكية لا تدرك ، ولكن عند كشف السرائر ، وظهور السلطة الالهية الحقة ، وخراب الطبيعة وانجلاء الحقيقة ، سيعرف ويلتفت بان الكثيرين لم يكونوا مؤمنين بالله حقا ، وان حكم العقل لم يكن مرتبطا بالايمان ، فما لم تكتب عبارة «لا اله الا الله» بقلم العقل على لوح القلب الصافي لن يكون الانسان مؤمنا بوحدانية الله .
وعندما ترد هذه العبارة النورانية الالهية على القلب ، تصبح سلطة القلب لذات الحق تعالى ، فلا يعرف الانسان بعدها شخصا آخر مؤثرا في مملكة الحق ، ولا يتوقع من شخص آخر جاها ولا جلالا ، ولا يبحث عن المنزلة والشهرة عند الآخرين .
ولا يصبح القلب مرائيا ولا مخادعا حينئذ . واذا رايتم رياء في قلوبكم ، فاعلموا ان قلوبكم لم تسلم للعقل ، وان الايمان لم يقذف نوره فيها ، وانكم تعدون شخصا آخر الها ومؤثرا في هذا العالم ، لا الحق تعالى ، وانكم في زمرة المنافقين او المشركين اوالكفار .
فصل: في وخامة امر الرياء
تامل ايها الشخص المرائي ... يا من اودعت العقائد الحقة والمعارف الالهية بيد عدو الله ، وهو الشيطان ، واعطيت مختصات الحق تعالى للآخرين ، وبدلت تلك الانوار التي تضيء الروح والقلب وهي راسمال النجاة والسعادة الابدية ومنبع اللقاء الالهي وبذرة القرب من المحبوب ابدلتها بظلمات موحشة وشقاء ابدي وجعلتها راسمال البعد والابتعاد عن ساحة المحبوب المقدسة ، والابتعاد عن لقاء الله تعالى .
تهيا ، اليها المرائي ، للظلمات التي لا نور بعدها ، وللشدائد التي لا فرج لها ، وللامراض التي لا يرجى شفاؤها ، وللموت الذي لا حياة معه ، وللنار التي تخرج من باطن القلب فتحرق ملكوت النفس وملك البدن حرقا لم يخطر على قلبي وقلبك ، والتي يخبرنا عنها الله تعالى في كتابه المنزل في الآية الشريفة : «نار الله الموقدة * التي تطلع على الافئدة» (1) . فتحدثت الآية الاربعون حديثا :49
مخ ۴۸