سالم ، قال : «سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول : قال الله عز وجل : انا خير شريك من اشرك معي غيري في عمل عمله لم اقبله الا ما كان لي خالصا» (1) .
وبديهي ان الاعمال القلبية في حال عدم خلوصها لا تصبح موردا لتوجه الحق تعالى ولا يتقبلها بل يوكلها الى الشريك الآخر ، الذي كان يعمل له ذلك الشخص مراءاة . اذا فالاعمال القلبية تصبح مختصة بذلك الشخص ، وتخرج من حد الشرك ، وتدخل الى الكفر المحض . بل ويمكن القول ان هذا الشخص هو من جملة المنافقين . وكما ان شركه خفي فنفاقه خفي ايضا ، فهذا المسكين يتصور انه مؤمن ولكنه مشرك منذ البداية ، وفي النتيجة هو منافق . وعليه ان يذوق عذاب المنافقين ، وويل للذي ينتهي عمله الى النفاق .
فصل: في بيان ان العلم يغاير الايمان
اعلم ان الايمان غير العلم بالله ووحدانيته وسائر الصفات الكمالية الثبوتية والجلالية السلبية ، والعلم بالملائكة والرسل والكتب ويوم القيامة . وما اكثر من يكون له هذا العلم ولكنه ليس بمؤمن . فالشيطان عالم بجميع هذه المراتب بقدر علمنا وعلمكم ، ولكنه كافر ، بل ان الايمان عمل قلبي ، وما لم يكن ذلك فليس هناك ايمان ، فعلى الشخص الذي علم بشيء عن طريق الدليل العقلي او ضروريات الاديان ، ان يسلم لذلك قلبه ايضا ، وان يؤدي العمل القلبي الذي هو نحو من التسليم والخضوع ، ونوع من التقبل والاستسلام عليه ان يؤدي ذلك لكي يصبح مؤمنا .
وكمال الايمان هو الاطمئنان ، فاذا قوي نور الايمان تبعه حصول الاطمئنان في القلب ، وجميع هذه الامور هي غير العلم . فمن الممكن ان يدرك العقل بالدليل شيئا لكن القلب لم يسلم بعد ، فيكون العلم بلا فائدة . مثلا انتم ادركتم بعقولكم ان الميت لا يستطيع ان يضر احدا ، وان جيمع الاموات في العالم ليس لهم حس ولا حركة بقدر ذبابة ، وان جميع القوى الجسمانية والنفسانية قد فارقته ، ولكن ولان القلب لم يتقبل هذا الامر ولم يسلم امره للعقل ، فانكم لا تقدرون على ان تبيتوا ليلة مظلمة واحدة مع ميت !!
واما اذا سلم القلب امره للعقل ، وتقبل هذا الحكم منه ، فلن يكون في هذا العمل اي المبيت مع الميت اي اشكال بالنسبة اليكم ، كما انه وبعد عدة مرات من الاقدام ، يصبح الاربعون حديثا :48
مخ ۴۷