الاربعون حديثا :215
يقول «الجوهري» في الصحاح : «اعاجيب» كأنهم ارادوا جمع «اعجوبة» مثل احدوثة واحاديث . وقال : ان «الاعجوبة» هي ما يكون حسنة او قبحه مثيرا للتعجب . ويكون المقصود في هذا الحديث هو المعنى الاول وكأن اللفظ في الاصل مختص بما يثير حسنه العجب ، وان استعملت تطفلا في الاعم .
و«البر» خلاف «العقوق» و«فلان يبر خالقه» يعني انه يطيعه ، كما يقوله الجوهري . و«الثقلان» هما الجن والانس .
ويدل هذا (الحديث الشريف) على ان كلا من الخوف والرجاء يجب ان يصل الى مرتبة الكمال ، ولا يجوز اليأس من رحمة الله تعالى ابدا ، ولا الامان من مكره مطلقا . فهناك الكثير من الاحاديث التي تؤكد ذلك ، كما ينص القرآن الكريم على ذلك ايضا . ثم يجب الا يرجح احدهما على الآخر . وسوف نقوم ، بشرح ذلك وبيان المواضيع الاخرى من الحديث ان شاء الله ضمن فصول عديدة .
فصل: في بيان نظرتي الانسان العارف
اعلم ، ان للانسان العارف بالحقائق والمطلع على النسبة بين الممكن والواجب جل وعلا نظرتين : الاولى : نظرته الى نقصه الذاتي والى نقص جميع الممكنات وانحطاط الكائنات فهو يدرك في هذه النظرة ، عينا او علما ، ان الممكن غارق بكليته في الذل والنقص وفي بحر ظلام الامكان والفقر والاحتياج ازلا وابدا ، وانه لا يملك بذاته شيئا اطلاقا ، وهو محض لا شيء ، ومجرد ضعة ، ونقص مطلق ، بل ان هذه التعبيرات نفسها لا تصدق عليه حقيقة وانما هي من ضيق افق التعبير والكلام ، والا فان النقص والفقر والحاجة من سمات الشيئية ، وليس لجميع الممكنات والخلائق كافة ، شيئية بذواتها . وهو في هذه النظرة ، لو تقدم الاربعون حديثا :216
مخ ۲۱۵