آراه اهل المدینه الفاضله او مضاداتها

ابو نصر فارابي d. 339 AH
26

آراه اهل المدینه الفاضله او مضاداتها

آراء أهل المدينة الفاضلة ومضاداتها

ژانرونه

يكون لنا ذلك عن جل الأشياء التي تكون منا ، مثل أنا باعطائنا المال لغيرنا نستفيد من غيرنا كرامة أو لذة أو غير ذلك من الخيرات ، حتى تكون تلك فاعلة فيه كمالا ما. فالأول ليس وجوده لأجل غيره ، ولا يوجد بغيره ، حتى يكون الغرض من وجوده أن يوجد سائر الأشياء ، فيكون لوجوده سبب خارج عنه ، فلا يكون أولا ، ولا أيضا باعطائه ما سواه الوجود ينال كمالا لم يكن له قبل ذلك خارجا عما هو عليه من الكمال ، كما ينال من يجود بماله أو شيء آخر ، فيستفيد بما يبذل من ذلك لذة أو كرامة أو رئاسة أو شيئا غير ذلك من الخيرات ؛ فهذه الأشياء كلها محال أن تكون في الأول ، لأنه يسقط أوليته وتقدمه ، ويجعل غيره أقدم منه وسببا لوجوده ، بل وجوده لأجل ذاته؛ ويلحق جوهره ووجوده ويتبعه أن يوجد عنه غيره. فلذلك وجوده الذي به فاض الوجود إلى غيره هو في جوهره ، ووجوده الذي به تجوهره في ذاته ، هو بعينه وجوده الذي به يحصل وجود غيره عنه. وليس ينقسم الى شيئين ، يكون بأحدهما تجوهر ذاته وبالآخر حصول شيء آخر عنه ، كما أن لنا شيئين نتجوهر بأحدهما ، وهو النطق ، ونكتب بالآخر ، وهو صناعة الكتابة ، بل هو ذات واحدة وجوهر واحد ، به يكون تجوهره وبه بعينه يحصل عنه شيء آخر.

ولا أيضا يحتاج في أن يفيض عن وجوده وجود شيء آخر الى شيء غير ذاته يكون فيه ، ولا عرض يكون فيه ، ولا حركة يستفيد بها حالا لم يكن له ، ولا آلة خارجة عن ذاته ، مثل ما تحتاج النار ، في

مخ ۴۶