فصاح في غيظ: كلام فارغ.
فقلت في هدوء: سنعرف أنه كلام ملآن. سأبين ذلك للنيابة لا لك أنت.
فوقف ينظر إلي في حنق وقال: تفضل. اذهب إلى النيابة.
فقلت: سأفعل بغير شك في صباح الغد إذا جاءت الساعة التاسعة صباحا، أمامك مدة طويلة تفكر فيها، ولكن اعلم أني أقول لك كلمتي الأخيرة، لن أرجع إلى الوراء أبدا، الآن فرصتك الوحيدة، ولن أقول لك كلمة أخرى سوى أني أعرض عليك الآن عرضا سخيا لا عن تردد في عزمي، بل لأني ما أزال أشفق عليك برغمي وبرغمك، مائة جنيه في نظير الورقة التي معك.
وكان ينظر إلي في أثناء هذا في دهشة وحشية، ثم قال بصوت حانق: لم أتزوج من أحد، وهذه الورقة التي معي لا أتركها بمائة ألف جنيه.
وتركني وانصرف مسرعا داخلا إلى حارة ضيقة، وسرت في طريقي على الترعة حتى وصلت إلى «كوبري فلاقة»، وأنا حائر مرتبك الذهن لا أدري ماذا أفعل.
وعدت إلى بيتي ودخلت إلى غرفتي، وارتميت على سريري بملابسي، والحيرة تملك علي كل مشاعري ومسالك أفكاري.
وكذبت على أمي، فقلت لها: إني تغديت في المدينة. لكي تتركني وحدي مع الأمواج المتدافعة في رأسي.
الفصل الثامن عشر
كانت الساعة السادسة والنصف مساء عندما جاءت أمي لتدعوني إلى مقابلة طارق عند الباب، فقمت في ضيق ونزلت لأفتح له، وكانت دهشتي عظيمة عندما وجدت أنه حمادة الأصفر بوجهه النحيل وأسنانه الصفر وقامته الضئيلة، فوثب قلبي وقلت له مبادرا: هيه يا حمادة!
ناپیژندل شوی مخ