خزيمة، وابن حبان، والبغوي - كما تقدم -.
وهناك حقيقةٌ أخرى كتمها - مدلِّسًا بذلك على القُرّاءِ -؛ وهي أن رواية الثلاثة، وإن كانت متفقة وقفًا، فهي مختلفةٌ اختلافًا ظاهرًا متنًا، فلو أنَّه ساقها: لتبيّن للقراء جهلُه بهذا العلم الشريف، وأنَّه فارغ منه كالطبل، وهاك البيان:
أولًا: رواية مَعْمَر وسليمان بن المغيرة، أخرجها الطبري من رواية ابن المبارك عنهما، عن ثابت، عن ابن أبي ليلى - مختصرة جدًا -، بلفظ: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ قال: النظر إلى وجه ربهم".
ثانيًا: رواية حماد بن زيد عنه، روايتان:
إحداهما: كهذه، رواها عنه عبد الرحمن - وهو ابن مهدي -، قال: ثنا
حمّاد بن زيد ... به، مختصرًا.
والأخرى: يرويها ثقتان عنه - مطولًا -، نحو رواية ابن سلمة.
وإذا عُرف هذا؛ فما هو الراجح من هذا الاختلاف؟
إن من الواضح أن ما اتفق ثقتان عليه أرجحُ مما رواه ثقة واحد، ولا سيّما إذا كانت روايته أنقصَ متنًا من روايتهما، فرواية عبد الرحمن بن مهدي مرجوحة من هذه الحيثيّة، لكننا نرى أنَّه قد تابعه الثقتان الآخران: مَعْمَر وسُلَيمان بن المغيرة، فهي بهذا الاعتبار راجحة، ورواية الثقتين مرجوحة؛ هذا إذا جرينا - لا قدَّر الله! - على ما جرى عليه (الهدَّام) من الترجيح بالكثرة!
وههنا حقيقةٌ أخرى يجهلها من لم يمارس هذا العلم ممارسة طويلة، ولم يتفقّه بأساليب الحفاظ النقادين في معالجة الاختلاف بين الروايات، وهي أنَّهم يلاحظون - أحيانًا - أن الخلاف إنَّما سببه الاختصار - لسبب أو آخر -؛ فقد يقتطع الثقة من الحديث قطعة تناسب المقام، وقد لا يرفعه لاعتقاده أنَّه