من بني غراب بن فزارة بن ذبيان بن بغيض وكان سابع سبعة إخوة، فأغار عليهم ناس من أشجع وبينهم حرب، وهم في إبلهم، فقتلوا ستة وبقي بيهس، وكان يحمّق، وكان أصغرهم، فأرادوا قتله ثم قالوا: ما تريدون من قتل هذا يحسب عليكم برجل ولا خير فيه، فتركوه فقال:
دعوني أتوصل معكم إلى أهلي فإنكم أن تركتموني وحدي أكلتني السباع وقتلني العطش، ففعلوا فأقبل معهم، فلما كان في الغد نزلوا فنحروا جزورا في يوم شديد الحر فقالوا: اظلوا لحم جزوركم لا يفسد، فقال بيهس: لكنّ بالأثلات لحما لا يظلل «١» فقالوا: إنه لمنكر وهمّوا أن يقتلوه، ثم تركوه «٢» ففارقهم حتى انشعب له طريق أهله فأتى أمه فأخبرها الخبر فقالت: ما جاءني بك من بين أخوتك؟
فقال: لو خيرك القوم لاخترت «٣»، فأرسلها مثلا. ثم إن أمه عطفت عليه ورقت فقال الناس: أحبت أم بيهس بيهسا ورقت له، فقال بيهس: ثكل أرأمها ولدا «٤» فأرسلها مثلا. ثم جعلت تعطيه ثياب إخوته ومتاعهم يلبسها فقال يا حبذا التراث لولا الذلة «٥»، فأرسلها مثلا.
وقال حبيب بن عيسى لما أراد بيهس أن يمضي عنهم قال بعضهم: كيف يأتي هذا الشقي أهله بغير خفير؟ فقال لهم بيهس: دعوني فكفى بالليل خفيرا فأرسلها مثلا. ثم أتى على ذلك ما شاء الله، ثم إنه مرّ على نسوة من قومه يصلحن امرأة منهن يردن أن يهدينها لبعض القوم الذين قتلوا إخوته فكشف ثوبه عن استه وغطّى
1 / 72