69

امیر قصر زر

أمير قصر الذهب

ژانرونه

ساحر ومسحور

عاد المأمون من الصيد بعد ما قضى فيه ثلاثة أيام، وقد أصاب من الثعالب والغزلان عددا، وقنص فيما قنص نمرا مخططا ثائرا أتى به حيا، فسماه «إبراهيم المبارك» تفاؤلا بأنه سيتغلب على إبراهيم ويقبض عليه ويطفئ ثورته ويأتي إليه مقيدا ذليلا، كما قنص هذا النمر وقيده وأضعف قوته وأذل كبرياءه. وكان المأمون لا ينفك مهتما بثورة إبراهيم وخروجه عليه، وزاد في همه ما علمه من انضمام بني العباس إليه في الكوفة والأنبار وبغداد وسائر العراق والشام، وقد شايعوه وبايعوه أميرا للمؤمنين. ولكنه منذ بعث «حميد بن عبد الحميد» بجيشه وما حوى من عدة ضخمة وعدد غفير، وما زوده به هو وجنوده من الوصايا والوعود بالعطايا الجزيلة، كان مطمئنا إلى أن قائده سيبلغ ما يريد، ويحقق له ما يتمنى.

وكان الفضل بن سهل وزيره الأكبر يزيده اطمئنانا وأملا بما يهون عليه من شأن إبراهيم ، ويخفي عنه بعض ما يحدث في العراق من خطر هذه الثورة ونقمة الناس على المأمون، شأن بطانة الملوك ووزرائهم يخفون عنهم حقيقة ما يجري بين الشعب. ولكن المأمون كانت له عيون ينظر بها غير عيون الفضل بن سهل، وكان يتابع أنباء جيش «حميد» على الدوام. وجلس المأمون في ديوانه وهو في «مرو» يعالج شئون خراسان، وكانت هناك طائفة من الزنادقة اهتم بالقضاء عليهم وعلى دعوتهم بين الناس، وكانوا من الزنادقة المانوية أتباع «ماني»: وهو ماني بن فاتك الحكيم الذي ظهر في عهد ملك الفرس سابور بن أزدشير بعد ظهور المسيحية. وقد ابتدع دينا بين المسيحية والمجوسية، وكان ينفي نبوة موسى، ويعترف بنبوة المسيح. وقد زعم أن العالم مركب من أصلين قديمين هما النور والظلمة، وأنهما أزليان لم يزالا ولن يزالا، وأن النور جوهره حسن فاضل كريم صاف نقي طيب الريح جميل المنظر، وأن الظلمة جوهر قبيح ناقص لئيم كدر خبيث منتن الريح قبيح المنظر.

وأن للنور خمسة أجناس: أربعة منها أبدان والخامس روحها، فالأبدان هي: النار والنور والريح والماء، وروحها النسيم. وللظلمة خمسة أجناس كذلك: منها أربعة أبدان وهي الحريق والظلام والسموم والضباب، وروحها الدخان وهي تدعى الهمامة وتتحرك في هذه الأبدان.

وكان لماني اعتقاد في بعض الشرائع دون البعض الآخر، وله في ذلك مذهب وأتباع طالما حاربهم المأمون.

واستأذن دينار رئيس العسكر في الدخول، فأذن له المأمون فدخل وسأله عن شأنه وما أتى به، فأنبأه أنه قبض على عشرة من الزنادقة المانوية، فأمر بإحضارهم فسألهم: أنتم الزنادقة؟

فقال أحدهم: أنا لست زنديقا يا أمير المؤمنين.

قال المأمون: وما خبرك يا هذا، ولماذا جئت معهم؟ - امرأتي طالق يا أمير المؤمنين إن كنت والله أعرف هؤلاء أو أعرف من أمرهم شيئا، وإنما أنا رجل طفيلي.

المأمون (ضاحكا) :

طفيلي ...

ناپیژندل شوی مخ