112

ثم قالت: يا يتيماه استضعفت من بين أصحابك لضعفك، فأكبوا علي وضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي، وقالوا: يا حبذا أنت من يتيم ما أكرمك على الله عز وجل، لو تعلم ماذا يراد بك من الخير فوصلوا إلى شفير الوادي.

فلما بصرت بي ظئري، قالت: يا بني، ألا أراك حيا بعد، فجاءت حتى أكبت علي فضمتني إلى صدرها، فوالذي نفسي بيده إنني لفي حجرها قد ضمتني إليها، وإن يدي لفي يد بعضهم، وظننت أن القوم ينظرونهم، فإذا هم لا ينظرونهم، فقال رجل في بعض الحي فقال: هذا الغلام أصابه لمم أو طائف من الجن، فانطلقوا به إلى الكاهن ينظر إليه ويداويه، فقلت له: يا هذا، ليس بي شيء مما تذكرون، أرى نفسي سليمة وفؤادي صحيحا، وليس بي ما قلته، فقال لي وهو زوج ظئري ألا ترون ابني كلامه كلام صحيح، إني لأرجو أن لا يكون بابني بأس، فاتفق القوم على أن يذهبوا بي إلى الكاهن فاحتملوني، حتى ذهبوا بي إليه، فقصوا عليه قصتي، فقال: اسكتوا حتى أعلم من الغلام فإنه أعلم بأمره فقصصت عليه أمري من أوله إلى آخره.

فلما سمع مقالتي ضمني إلى صدره ونادى بأعلى صوته: يا للعرب! اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه، فواللات والعزى لإن تركتموه ليبدلن دينكم، وليسفهن أحلامكم وأحلام آبائكم، وليخالفن أمركم، وليأتينكم بدين لم تسمعوا مثله.

مخ ۱۱۸